نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: معركة عالمية حول النيل

يجتهد الجميع في مصر و السودان في مناقشة الحلول المختلفة للإنتهاء من أزمة سد الموت الأثيوبي التي تهدد حياتهم والتي وصلت لمجلس الأمن في نفس الوقت الذي يستمر استكمال الملء الثاني للسد. ومداومة الألة الإعلامية الإثيوبية على نشر الأكاذيب بأن الغرض من السد التنمية والحصول على الكهرباء والتنصل من كل الاتفاقيات التب تحفظ حقوق مصر و السودان فب مياه النيل.

ومع كثرة من دخلوا على خط التحليل السياسي للأزمة أصبح الوضع أصعب في متابعة الحقائق في هذا الملف الخطير. ولكن الحقيقة الأولى التي لا جدال فيها أن الأجهزة و الوزارات والجيش المصري على علم بكل ما يحدث في منطقة السد لحظة بلحظة. و أن الخبراء الذين يديرون الملف يعلمون أن الصراع حول السد هو صراع مصرى سوداني إثيوبي في الواجهة وأن خلفهم صراع أكبر هو الصراع بين أمريكا وحلفائها من جهة. و الصين و روسيا من جهة أخرى. حيث تعمل أمريكا على خروج الصين و روسيا من أفريقيا. لأن الاستثمارات الصينية تمددت واتسعت في القارة السوداء الغنية بكل أنواع المعادن. و هو ما يزيد من القوة الاقتصادية الصينية الهائلة المتنامية. وأيضا انتشار كبير للقواعد الروسية و السلاح الروسي المنافس بشدة للسلاح الأمريكي الذي يعد من أكبر روافد الاقتصاد الأمريكي .

في الداخل الإثيوبي تتواصل انتصارات جبهة تحرير التيجراي و تزداد عدد المدن والقرى التي يتم طرد الجيش الإثيوبي و حليفه الأريتري. ومن الواضح أن هناك ما يتم إعداده بعد الإنتهاء من طرد الجيش الإثيوبي من كامل إقليم التيجراي. فهناك تصريحات صدرت من بعض قياداتهم بأنهم سيعلنون دولة التيجراي فهم ليسوا بإثيوبيين و ليسوا بحاجة إلى أن يكونوا جزءا من إثيوبيا مع استمرار الإدانات الأوربية والأمريكية للسياسة الإثيوبية تجاه إقليم التيجراي مما يضعف من موقف السفاح آبي أحمد أمام المجتمع الدولي. كما أن التقارير تؤكد زياد نشاط جبهة تحرير بنى شنقول ضد الجيش الإثيوبي. و هذا هو الأمر الأهم لمصر و السودان لأن هذا الإقليم هو الذي يضم سد الموت الإثيوبي. ولو زاد نشاط هذه الجبهة بالذات فلن يكون السد جزءا من إثيوبيا. وقد كان هذا الإقليم جزء من السودان قبل توقيع اتفاقية 1902. و ألمحت لعودته إلى السودان وأنه طبقا لاتفاقية 1902 . فقد تم منحه لإثيوبيا مقابل عدم بناء أى سدود على مجري النيل و هو ملم تلتزم به إثيوبيا .

أما عن الإبتزاز الروسي لمصر و السودان بعد الخطاب الفج الروسي المؤيد للموقف الإثيوبي فقد سارعت وزيرة خارجية إثيوبيا بالسفر إلى روسيا للتباحث حول عودة روسيا لاستخدام قاعدة بحرية للقوات البحرية الروسية تطل على البحر الأحمر. وهو اتفاق كان نظام عمر البشير قد وقعه مع روسيا و ألغته الحكومة السودانية بعد خلع عمر البشير و نظامه.

وكما هو معلوم فستحاول روسيا الحصول على أكبر مكاسب ممكنة من السودان أو من مصر. قبل أن تتخلى عن ذلك الخطاب والتوجه المؤيد لإثيوبيا. وهذا هو النمط الروسي السائد في سياساتهم في معالجة كل الأزمات الدولية. فليس لروسيا حليف دائم تقف معه للنهاية ولنا في العراق و ليبيا و أرمينيا عبرة لمن أراد أن يعتبر .

أما عن الخارجية المصرية فقد طار وزير الخارجية سامح شكري إلى مقر الاتحاد الأوروبي للقاء وزراء خارجية الدول الأوربية في محاولة لكسب الدول الأوربية التي لها مصالح كبيرة مع مصر والتي كان موقفها في الأمم المتحدة مخيبا لأمال مصر ولا يعبر عن العلاقات الاقتصادية والعسكرية الكبيرة معها. و إلى الآن لم يصدر أي قرار أو بيان من مجلس الأمن عن سد الموت الإثيوبي.

ولازلت أؤكد أن مجلس الأمن منذ نشأته لم ينصف صاحب حق بل هو دائما أداة تستخدم ضد الدول الضعيفة. و أن مصر مادامت لديها القوة الكافية لإنتزاع حقها وهو ما نثق به جميعا. فيجب على مصر أن تبدأ مجموعة الإجراءات الخشنة. وأولها الدعم الكامل لإقليم بنى شنقول الذي يسعى للاستقلال أو العودة لحضن الوطن السوداني  .

بعض السياسيين يخرج علينا من وقت لآخر  ويتحدث و كأنه العليم ببواطن الأمور يحث فيه الشعب المصري والقيادة على اللجوء إلى العدو الصهيوني لحل قضايا مصر وهو يدل على أن هؤلاء لهم مصالح خفية لا نعلمها مع الكيان الصهيوني و إلا لما إصرارهم على أن الحل دائما بيد إسرائيل. وهذا الطرح  في حد ذاته يثير الإشمئزاز وقد يتسبب في نشر الاحباط عند البعض. في وقت نحتاج جميعا للتكاتف. فليصمتوا أو نفضح تاريخهم الأسود الذي يضعهم في خانة الباحثون عن الشهرة. أو أي منصب حتى ولو كان أمين مكتبة.. مصر قادرة تماما على حل مشكلة السد و لن ننحنى أبدا لدولة صهيون .

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى