نون والقلم

محمد يوسف يكتب: طوينا الصفحة

تجاوزنا حادث الحاوية في ميناء جبل علي، بعد 40 دقيقة، وفي اللحظة التي أخمدت فيها النيران، أصبح ذلك الحادث من الماضي.

هكذا نحن، هذه هي ثقافتنا، كل صفحة ننجزها نطويها، ونضعها خلفنا، لا نتوقف عندها كثيراً، ولا نعرف شيئاً اسمه التبريرات اللاحقة، منذ البداية، كانت الجهات المعنية واضحة، التعتيم و«طمس الحقائق»، تعبيرات غير واردة في كتيبات التعامل مع الأحداث والأزمات في دولة الإمارات.

حادث وقد حدث، انفجار وحريق وتطاير شظايا، وعمل دؤوب للسيطرة. ثم تمكن في وقت قياسي، وصور نحن من يصورها، ونحن من ينشرها، ونفتخر بأننا ملتزمون بالصدق والدقة، وأمانة نقل المعلومة. وقبل بزوغ الفجر، كانت الأوضاع تتحدث بلغة من لا يلتفتون إلى الوراء، حركة اعتيادية في أحد أهم عشرة موانئ في العالم.

فقط من لا يزال المرض ساكناً داخل نفوسهم، من لطخ السواد قلوبهم. هؤلاء ما زالوا يعيشون في الماضي. لا تنفع معهم عهود أو وثائق قمم. ولا يتعلمون من الدروس التي مروا بها، حثالة الدول الفاشلة. ما زالوا يتلاعبون بمصير بلاد، تمنينا أن تفيق من سباتها. ولكنها تأبى، وتصر أنها على حق، عبثها ميزة. وكذبها منهج حديث في إدارة الدول!

كم التوقعات، وكم الاتهامات، التي أطلقتها قناة الإخوان القطرية، كانت أكبر من «أبو هلالة» و«خنفر»، بعد نصف ساعة من الإعلان عن الحادث، إرهاب إخباري، كان ما يحدث على تلك الشاشة، مع منتصف ليل الأربعاء، أخرجوا كل الضغائن من جوفهم، وقالوا كل ما يتمنونه، وغلفوا كل شيء بسواد نفثوه في كل اتجاه، ثم ختموا كل ذلك بطعنة خنجر مسموم، إلى صدر من وثقوا بهم في «العلا»، وبأسلوبهم المعهود، استضافوا تابعاً لنصر الله، دون حياء أو خجل، ويتركونه يتحدث عن أشياء لم تحدث، هي فقط موجودة في خيال ذلك التنظيم الإخواني، وحزب إيران اللبناني، ويلقي اتهاماً يجب عدم السكوت عليه، فهؤلاء بحاجة إلى «تأديب»، حتى يتعلموا كيف يقدرون قيمة الكلمة، وكيف يطبقون قواعد أخلاقيات المهنة التي ذبحوها، وكيف يكونون حذرين في تعاملهم مع الآخرين.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى