شيء مخجل أن تكتب تغريدة ثم تمسحها، وأن تحاول أن تبرر لماذا مسحتها، ثم تفتح كتاب التفسيرات لتجد كلمات مناسبة لفعل صادر عنك وأنت تملك إرادتك، توضح الخطأ بخطأ، وتفسر الماء بالماء، وتخوض في مستنقع تعرف أن الوحل مستقر في باطنه، وتصر على التبرير، مرة واثنتين وثلاث مرات، وفي كل مرة يتجمع حولك الذباب، فلا أنت قادر على طرده، ولا أنت تملك وسيلة اصطياده.
وما يزيد الخجل خجلاً أن تكتب تغريدات تناقض ما قلته في لحظة طيش، وما أنت بطائش، لا اسماً ولا عمراً، ولا أنت بجاهل، فلا تغرنك أرقام المتابعة والمشاهدة، فالغالبية التي تمر على حسابك لديها «حب استطلاع» فهي تحصي السقطات، وتتوقع واحدة جديدة مع كل ظهور لك، هي، أي الغالبية، لا تبحث بين تغريداتك عن علم أو رأي سديد، لأنك لا تملك هاتين الصفتين، هي تريد أن تضحك على «هلوسات» اعتدت عليها وزادتك صغراً.
هناك كلام يمكن تبريره. وهناك كلمات يمكن تفسيرها، وهناك العكس. فكل شيء واضح، والناس يقرؤون ويفهمون، ولهذا كانت التغريدات اللاحقة للتغريدة الممسوحة محاولات يائسة لإصلاح ما انكسر. فيها استعلاء وغرور وهروب فاشل. وكان الصمت. ولا شيء غير الصمت، هو الوسيلة الأكثر نفعاً في حالة مثل حالتك. ولكن الإصرار على الخطأ. وتبرير الخطأ بخطأ أكبر منه. وتفسير القصد بما لا يستوعبه عاقل، كل ذلك جعلنا خجلين من أنفسنا وليس منك فقط!
هناك أمور ليست من اختصاص مغرد في «تويتر»، فهي أكبر منه، لها رجالها، هم يزنونها، وهم يقيسونها، وهم الأدرى بكيفية التعامل معها، لها اعتبارات لا يعلمها جاهل مدعٍ، ولا يستوعبها متفرج يعيش على تجميع ردات الأفعال من التواصل الاجتماعي، فالتفاصيل عند أصحابها، وهذا شأنهم، وهم الأعلم بطرق معالجة ما يطرأ وما يستجد، لأنهم أصحاب القرار وأصحاب الحل والعقد.