أقول ذلك ونحن نعيش في خضم هجمة شرسة تقودها جماعات مؤثّرة تتبع منظمات دولية وحكومات دول أجنبية. فنحن نعرف أنفسنا. ونعرف كم هي ثابتة الأرض التي نقف عليها.
ففي السنوات الأخيرة انطلقت حملة الليبرالية الجديدة، تلك الناتجة عن بعض الأفراد، وأقول بعض مع التأكيد عليها، فهم يعدّون على أصابع اليدين، حاولوا أن يجمعوا من حولهم أتباعاً، ولم يضيفوا إليهم أعداداً تذكر، بعضهم درس في الولايات المتحدة وأوروبا، وظنّوا مثلما ظنّت «شراذم» الجيل الأول من الدارسين في الخارج بأنها مطالبة بتنوير مجتمعاتها، وتشبّهوا بالآخرين، أهل البلاد التي جاؤوا منها، وأغرتهم مساحات الحريات المتاحة في بلداننا، واستغلّوا تسامح أهلنا، وسعة صدر قياداتنا، وطرحوا أفكارهم على مراحل، وكان واضحاً أنهم لا يعملون منفردين، وأن أيدي خفية كانت تدفعهم وتشجعهم وتدعمهم.
وبرزت وجوه غير معروفة، وصعدت السلالم قفزاً حتى تربّعت في الواجهة، هم يلقون حجراً، والمنظمات الأجنبية تلقي حجرا. هم في اتجاه يضربون الثوابت. وأولئك الأجانب يحاولون تحطيم أساسات استقرت عليها مجتمعاتنا. وسفارات تخالف مهامها وتشارك في استفزاز الناس وإثارة مشاعرهم، كما حدث قبل أيام مع الأعلام التي رُفعت، وكأنهم يقولون لنا إنهم خاضوا في الأوحال وعلينا أن نشاركهم ونلوّث أنفسنا، فهم في سرائرهم يعلمون أن هذه المسارات فكّكت مجتمعاتهم. وفرّقت عائلاتهم، وأنتجت أجيالاً ضائعة ما بين المفاسد والمخدّرات، ولم تعجزهم التبريرات. ابتداءً من الحرية الشخصية، وانتهاءً بحق كل الفئات في المعاملة دون تمييز، حتى لو قلبوا الطبيعة البشرية وعكسوا المفاهيم.
مررنا بغزو عسكري في أزمان، وبغزو فكري وثقافي في أزمان أخرى، ونمرّ اليوم بغزو أخلاقي وعقائدي، والنتيجة واحدة، نسترجعها من التاريخ، فلو استقر البرتغاليون في الخليج، وريتشارد قلب الأسد في القدس، ونابليون في القاهرة، أقول لكم، لو حدث ذلك الذي سبق سينجحون في مساعيهم الجديدة.
ولن ينجحوا لأننا محصّنون.