نون والقلم

طارق تهامي يكتب: 30 يونيو.. علامة فارقة في حياة المصريين

القيمة الحقيقية لثورة 30 يونيو أنها لم تعد مجرد ذكرى، نستمع فيها لكلمات التمجيد، لأيام ناضل خلالها الشعب المصري. بجوار قواته المسلحة، ورجال الشرطة، ومؤسسات الدولة، في تجمع فريد، لحماية الوطن من أكبر وأسرع عملية سرقة لمستقبل بلد كان يتطلع لحريته، بعد ثورة يناير. ليجد نفسه في براثن قوى فاشية مستغلة للدين، أرادت له السقوط في مستنقع الحرب الأهلية.. ولكن الله سلم.. فأراد لهذا الوطن أن ينجو من مصير الدمار والحريق والدم. إلى مرحلة البناء والتشييد في جمهورية جديدة لا تعرف إلا لغة العمل.

اليوم، لا يمثل احتفالًا بذكرى ثورة 30 يونيو فحسب، وإنما تذكير بالأحداث التي وقعت قبل الثورة ودفعت المصريين إلى الخروج لإسقاط النظام الفاشي الذي أراد السيطرة على مستقبلنا باسم الدين، في أكبر تجارة سياسية عرفها التاريخ.

لا تنسى، أن المظاهرات والاضطرابات التي حدثت قبل ثورة 30 يونيو بدأت من الأرياف. وكانت من أجل مواجهة التمكين، فقد واجه الناس العاديون، ممن لا يعرفون السياسة. أمورًا مؤلمة، مثل إقالة مدير مدرسة لتعيين آخر إخواني. وإقالة مدير مستشفى لتعيين آخر إخواني، وإقالة مدير مكتب عمل لتعيين آخر إخواني. فكانت الشرارة الأولى لمواجهة التمكين الإخواني الأحمق.

مشروع تمكين الإخوان توقف يوم 30 يونيو 2013 وتم القضاء عليه يوم 3 يوليو 2013، لذلك لا يجب نسيان أننا كنا في الطريق إلى نفق مظلم ما كنا لنخرج منه بسهولة، فكنا أمام طريقين، الأول: أن يتمكن الإخوان من السلطة ونصبح مثل إيران ونستغرق سنوات للتخلص منه، والثاني أن تحدث حرب أهلية لسنوات لا نستطع الخروج منها بسهولة مثل دول مجاورة كثيرة. ولكن لأننا نمتلك جيشًا وطنيًا غير إيديولوجي، ولا يعرف التصنيفات الدينية أو المذهبية أو الفكرية أو العرقية أو القبائلية، فكان الطريق الثالث، وهو طريق الانحياز للشعب، وحماية ثورته ضد الجماعة، وإعادة مصر إلى أصحابها.

يوم 30 يونيو اتخذ الشعب المصري قرارًا بألا يكون مثل سوريا أو العراق أو ليبيا، لأنه ليس لديه استعداد بأن يحمل كل أب أبناءه ويذهب بهم إلى الحدود للهروب من هذا المعترك، فقد كانت جميع الدول المجاورة في مشكلات، وكانت مصر هي المهرب والملاذ.

ثورة 30 يونيو قضت على مشروع الإخوان وحافظت على الدولة المصرية، ولا ننسى أن الوفد الذي كان في مقدمة الثورة هو الحزب الوحيد الذي شارك في ثلاث ثورات كبرى هي ثورة 1919، وثورة 25 يناير، وثورة 30 يونيو لأننا «حزب يعرف متى يتحرك إذا كان هناك خطر على الوطن»، فكان قرار المشاركة في ثورة 30 يونيو قادمًا من قواعد الحزب قبل القيادة لأنهم استشعروا وجود خطر حقيقي على البلاد، وعندما يتصدى الوفد لأي مواقف لا يضع في اعتباره هجوم أي تيار أو غيره وإنما يعمل من أجل الوطن، وهذا ما فعلته هذه القواعد عند اتخاذ قرارها الخاص بالموافقة على التعديلات الدستورية.. وهذا هو التناغم والتماسك المهم الذي نود لفت النظر إليه، فالوفد حزب قوي قادر على المشاركة في حماية الدولة.

قبل أن نحتفل بثورة 30 يونيو لا بد أن نتذكر ما كنا فيه وما أصبحنا عليه. ويجب التذكير بأن الوفد سيؤدى دوره مثلما قام بتأديته في ثورات سابقة بالحفاظ على تماسك الدولة. لأن ذلك جهد أكبر من الهتاف والصراخ حول مفاهيم ربما تعجب الجمهور. ولكن لن تحافظ على الدولة والإنسان والمستقبل.

‏tarektohamy@alwafd.org

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى