مؤكد أن عودة العلاقات المصرية القطرية، وطى صفحة الماضي. أمر يصب في مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، وكلنا يعلم أننا في عالم تجمعه المصالح والمنافع المشتركة. وليست هناك ثوابت في العلاقات الدولية إلا تبادل المنافع والمصالح.
وفي هذا الإطار اتفق سامح شكري وزير الخارجية المصري مع نظيره القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثان وأكدا على أهمية تطور العلاقات المصرية القطرية، وتسوية كل القضايا العالقة بين الدولتين، ودفع مجالات التعاون الثنائي في مجالات عدة بما يحقق مصلحة البلدين، ويساهم في كل القضايا العربية التي تشهد تحديات كبرى في منطقة ملتهبة.
وفي اعتقادي أن عودة العلاقات المصرية القطرية مرة أخرى إلى كامل طبيعتها في هذا التوقيت الدقيق والحساس التي تمر به المنطقة العربية، أمر من شأنه وقف نزيف الخسائر بين الدولتين أولاً، إضافة إلى مكاسب عديدة على شتى المستويات لكلا البلدين وأيضاً لباقى الدول العربية.
اجتماع وزيري خارجية الدولتين، ورسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الشيخ تميم بن حمد آل ثان أمير دولة قطر، قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة باعتبارها رئيس الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية، كان مؤشرًا على خروج هذا الاجتماع بتوصيات هامة بخصوص أزمة سد النهضة الذي يشكل تهديدًا لكل من مصر والسودان.
ولعل البيان الختامي لهذا الاجتماع الذي شدد على أن الأمن المائي لكل من جمهورية السودان وجمهورية مصر العربية هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى.
كما أعرب وزراء الخارجية العرب عن القلق إزاء تعثر المفاوضات التي تمت برعاية الاتحاد الإفريقي بسبب المواقف التي تبنتها إثيوبيا طوال الفترات الماضية، وأخيراً في اجتماع كينشاسا بجمهورية الكونغو، كما شدد وزراء الخارجية العرب على رفض أي ضرر يقع على مصر والسودان، وطالبوا إثيوبيا بالامتناع عن اتخاذ أية إجراءات أحادية توقع الضرر بالحصص المائية لمصر والسودان، وهو ما يستدعى وقف ملء خزان سد النهضة إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث لقواعد ملء وتشغيل السد.
وعلى جانب آخر أكد المؤتمر على دعوة مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسئولياته فى هذا الصدد وعقد جلسة عاجلة للتشاور حول الموضوع، واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تضمن التوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونًا حول سد النهضة يراعى مصالح الدول الثلاث.
على هذا النحو يجب أن تكون العلاقات العربية – العربية بحيث تصبح قوة فاعلة. ليس على المستوى الإقليمي فحسب، وإنما على المسرح الدولي. وهو أمر لن يتأتي وينتج ثماره إلا بالمصارحة والمكاشفة. وإزالة الخلافات التي قد تنشأ بين الدول العربية نتيجة التدخلات الخارجية في الشأن العربي. وإحداث وقيعة بين الأشقاء بهدف استنزاف الموارد العربية. وقد مر العالم العربي بحروب وصراعات وانشقاقات كثيرة كانت نتاج التدخلات الخارجية بهدف السيطرة على الثروات العربية. وعلى رأسها البترول والغاز وغيرها، وهي تجارب قاسية كفيلة في حد ذاتها أن يعيد العرب حساباتهم مع أنفسهم.
وإذا كان هذا المؤتمر قد نجح في توجيه رسالة إلى إثيوبيا والمجتمع الدولي. فإن العرب يستطيعون إذا أرادوا حقاً ردع إثيوبيا. وذلك من خلال وقف ضخ الاستثمارات. وإعلان التضامن الحقيقي والفعال مع مصر والسودان في هذه القضية الوجودية التي لا تحتمل حلولاً وسطًا. لأن مصر والسودان سوف تحسمان الأمر في النهاية باعتبارها قضية أمن قومي من الدرجة الأولى. ومن المستحسن أن تنسب إلى العرب جميعًا.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد