نون والقلم

محمد يوسف يكتب: نفوس متورمة

هذا زمان العقلاء، من ينظرون إلى الأمور بنظرة شمولية، لا ضيقة ولا محصورة، المصالح العليا تحركها، وليس المصالح الشخصية المبنية على الأهواء والرغبات ومحاولات إثبات الذات.

تصرفات الأفراد، أيًا كانت صفاتهم، جلبت الدمار في العصر الحديث وفي العصور السالفة، أباطرة وقادة جيوش وزعماء قبائل وأصحاب ثروات، أخذوا العالم في حقب كثيرة إلى التهلكة، فقط لأنهم خضعوا في لحظة لآفة الغرور، نفخ الطامعون في نفوسهم حتى تورمت، وامتلأت قلوبهم حقداً وكراهية، وتشبعوا بالأطماع، صدقوا أنهم متفردون، وأنهم مميزون، وأنهم «هبات» لشعوبهم، تلك الشعوب التي استخدمت حطبًا لنار هم أشعلوها، وبعضهم كان يجمع الأتباع بعد أن يعلن نفسه «وليًا» من الأولياء، ويضحي بأولئك الأتباع مع وعود بحياة أفضل من هذه الحياة في الآخرة.

شهدنا نماذج من المجانين في عصرنا الحديث، ورأينا العقلاء ينزوون متمسكين بهوامش الحياة. وعشنا في ظل مغامراتهم المدمرة، مثل ذلك الذي أقام «دولة إسلامية» من العدم، البغدادي وقبله الزرقاوي. فاستنزف طاقات شباب الأمة حتى أصبحوا «هباءً منثورًا» في صحارى العراق وسوريا وليبيا، ومثل أسامة بن لادن الذي حمل عقده النفسية إلى جبال أفغانستان، مجاهداً في البداية كما أسماه الأمريكان، ثم مقاومًا للذين صنعوا منه قائدًا و«شيخ المجاهدين» ذات يوم، للأمريكان الذين تخلصوا منه عندما أرادوا ودفنوه في البحر!

وأمثال البغدادي وبن لادن لا يعدون ولا يحصون عبر الأزمنة. ولكن زماننا يحدثنا عن شخص اسمه «حسن نصر الله» الذي صدق بعد أن أطلق بضعة صواريخ على إسرائيل أنه أصبح زعيم المقاومة. وأنه صاحب الكلمة العليا في بلاده والمنطقة المحيطة. فارتمى في حضن من يعادون أمته. وأصبح أحد أذرعتهم العابثة بوطنه وجيرانه. ومن كانوا سنده ذات يوم.

غير هؤلاء كثر، سنمر عليهم لاحقًا بإذن الله.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى