كلما أمر بين ردهات مبنى البرلمان المصري، التاريخي، أشعر بالفخر والسعادة، عندما أرمق بعيني، صورتي الزعيمين، سعد زغلول ومصطفى النحاس، وهما يزينان حوائط ممرات المبنى العتيق، باعتبارهما اثنين من أهم رموز مجلس النواب، واثنين من أهم رؤسائه عبر التاريخ.
المخلصون لهذا الوطن تبقى ذكراهم لمئات الأعوام، فالزعيم سعد زغلول توفى عام 1927، ومصطفى النحاس توفى عام 1965، ولكنهما، ومعهما فؤاد سراج الدين، مازالوا أحياء بيننا بذكراهم ومواقفهم الوطنية الخالدة، فالمصريون لا يزالون يعتبرون هؤلاء الزعماء نقطة ضوء فى تاريخ الوطن، لأن مواقفهم التاريخية كانت في منتهى الصلابة للدفاع عن هذا البلد، ومصالحه العليا.
كان الزعيم سعد زغلول أستاذ ثورة 1919 وزعيم الوطنية وشخصية متفردة، تعلم تعليمًا جيدًا رغم توسط حال أسرته وتفوق في عمله بالمحاماة ثم قاضيًا ثم وزيرًا، وكل ذلك لم يمنعه من الانشغال بالقضية الوطنية وخروج مصر من عباءة الاحتلال الإنجليزي والتأسيس للدولة المصرية الحديثة.
وكان الزعيم مصطفى النحاس، أكثر الزعماء الذين واجهوا جماعات الظلام، فقد رفض خلط الدين بالعمل السياسي، ولم تستطع هذه الجماعات أن تتخذ خطوة للأمام أثناء رئاسته للحكومة.
وكان الوفد، ومازال، هو الحزب الوحيد الذي استطاع الصمود أمام كل التحديات التي واجهها في سبيل الحفاظ على ثوابته.ورغم صعوبة المواقف التي تعرض لها. بقى حتى اليوم بمبادئه وأفكاره، فهو الحزب الأوحد، الذي أكمل مائة عام، وهذا إعجاز، سوف يستمر بقدرة أبنائه المخلصين.
حزب الوفد، هو مدرسة وطنية مصرية خالصة بامتياز، وكثير من قيادات الأحزاب الأخرى في مصر، قديمًا وحديثًا، كانوا أعضاءً فى الوفد وتعلموا داخله فنون العمل السياسي. ثم تركوه لأسباب أو لأخرى. فأصبحوا قياداتٍ في أحزاب كبرى. فحزب الوفد هو مكان طبيعي لتعليم المبادئ والوطنية أكثر من كونه مؤسسة تسعى نحو مقاعد أو مناصب. وهذا لا يعنى نفى أهمية السعي نحو التمثيل النيابي المناسب. ومهمة أبناء الوفد، الآن، هي الحفاظ على هذه المبادئ، ومعركتهم الحالية، أن تظل هذه القيم مستمرة مئات الأعوام المقبلة.
كل التحية لروح الزعيم سعد زغلول، والزعيم مصطفى النحاس، والزعيم فؤاد سراج الدين. وكل القيادات الوفدية التي دفعت حياتها وجهدها ووقتها وأموالها ثمنًا لحرية هذا الوطن وتقدمه ورفعته. ورغم كل محاولات طمس نتائج هذه الثورة أو التقليل منها. إلا أن المصريين، شعبيًا ورسميًا، كانوا في كل مناسبة يؤكدون أنها الثورة الأم. وأن قيادات الوفد التاريخية ستظل نموذجًا للعمل الوطني المخلص لهذا الشعب.
tarektohamy@alwafd.org
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا