ذلك الذي اعتبر النص الدستوري بأن الإسلام دين الدولة، شعارًا مضحكًا، تحول إلى «علامة تعجب» كبيرة، فهو يعلم علم اليقين، ماذا تعني كلمة دولة، وما المقصود منها، لهذا لن نناقشها، ولن نشغل الناس بها، ولكننا سنتحدث عن القصد من وراء مثل هذا الكلام، فهؤلاء المسمون بالتنويريين، والتنوير بريء منهم ومن أقوالهم، يوزعون الأدوار على بعضهم البعض، كل واحد منهم يضرب بمعوله في اتجاه، عساه يحدث صدعًا في الجدران الصامدة.
ولو رجعنا قليلًا إلى بدايات الألفية الثالثة، سنتذكر خطواتهم المنتظمة لإحداث هزات متتالية في فكر الأمة، ولم يكن التنوير مقتصرًا على الفلاسفة المتغربين، بل ظهر لنا في بعض الفترات أشخاصًا معممون، ألصقوا أنفسهم بالأزهر الشريف والمدارس الفقهية، وخلطوا الحابل بالنابل، وركب فقهاء الإخوان الموجة، وأطلقوا الفتاوي المثيرة للمشاعر.
وكلنا نذكر برنامج القرضاوي الأسبوعي على قناة الجزيرة، وكيف أقحم الحلال في الحرام، ووسع المباح على حساب المحظور، حتى حدد نسب الخمر وحلل بعضها، وأطلق أنواعاً جديدة من الزواج للشباب في أوروبا وأمريكا، مثل «زواج الفريند»، أو ما شابه، وتبع القرضاوي آخرون، توسعوا في الإباحة، حتى أنكروا كثيرًا من الأحاديث، وتلقف الليبراليون الكرة، وبدؤوا هجومًا على مصادر الفقه والسنة النبوية، وما زال أحدهم يفعل ذلك كل أسبوع، في برنامج تلفزيوني، يكاد يكون متخصصًا في تشويه كتب السنة وعلمائها. وفي الوقت نفسه، لم يجرؤ على التطرق في حلقة واحدة لمذاهب أخرى. أو يناقش سلوك تنظيمات إرهابية متطرفة وخارجة على أنظمة وقوانين دول المنطقة.
إن رفضنا للفكر الظلامي الإخواني. وما خرج من تحت عباءته من تنظيمات متطرفة وإرهابية، كان، ولا يزال، دفاعًا عن عقيدتنا السمحاء الراسخة. والقائمة على مبادئ إنسانية صاغها سيد البشر، صلوات الله وسلامه عليه. وسنرفض عبث الذين يدّعون التنوير والليبرالية. فهؤلاء أيضاً ينشرون الظلام. عندما يجعلون القلوب والعقول خاوية.