قرار المجلس الدولي لحقوق الإنسان بتشكيل لجنة تحقيق دولية في الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة.. انتصار للحق وللحقيقة. فطائرات العدو الإسرائيلي قصفت منازل على رؤوس ساكنيها ودمَّرت أبراجًا وبنى تحتية بعشوائية وبدون تمييز. وتسبب القصف في مقتل ٢٥6 فلسطينيًا من بينهم ٦٦ طفلًا و٣٩ امرأة وخلفت مئات المصابين.
ونص القرار الصادر من المجلس على تشكيل لجنة تحقيق دولية موسعة للنظر في «كل الانتهاكات المفترضة للقانون الدولي الإنساني وكل الانتهاكات والتجاوزات المفترضة للقانون الدولي لحقوق الإنسان» التي أدت إلى المواجهات الأخيرة بين إسرائيل والفلسطينيين.
وسيتركز التحقيق على «إثبات الوقائع» و«جمع الأدلة على هذه الانتهاكات والتجاوزات وتحليلها» و«تحديد المسؤولين (عنها) قدر الإمكان. بهدف التأكد من أن مرتكبي الانتهاكات يخضعون للمحاسبة».
وهذه هي المرة الأولى التي يشكل مجلس حقوق الإنسان لجنة تحقيق بتفويض لا تحدد مدته مسبقًا. أي لا يحدد لها مدة زمنية ينتهى فيها من التحقيق.
والقرار لاقى تأييدًا كبيرًا من دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية وحصل على 24 صوتًا ورفض تسعة أصوات وامتناع 14 دولة عن التصويت.
وهذه اللجنة هي الثالثة التي شكلها المجلس للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان في المنطقة العربية.. ولكن هذه اللجان لم تؤدِ إلى نتيجة حتى الآن.
اللجنة الأولى التي شكلها المجلس للتحقيق في الانتهاكات التى شهدتها ليبيا منذ 5 سنوات، وهذه اللجنة لم تستطع الدخول إلى الأراضي الليبية حتى الآن لممارسة عملها، وظل أعضاؤها في تونس لأشهر طويلة وانتهت مدتها دول تقديم أي مذكرة أو تقرير حول ما انتهت إليه.
أما اللجنة الثانية هي لجنة خبراء للتحقيق في الانتهاكات التي شهدها اليمن، ولكنها لاقت اعتراضات كثيرة من جانب الشرعية اليمنية؛ لأن اللجنة ظهرت في التقرير الأول انحيازًا للجانب الحوثي واعتمدت مصطلحات سياسية منحازة ومخالفة لقرارات الأمم المتحدة، ولم تبحث في من المتسبب في نشوب الصراع في اليمن، ومن الذي ارتكب الجرائم التي أدت إلى مقتل المئات من المدنيين هناك، ولم تقم بجمع الأدلة رغم الزيارات المتعددة التي قامت بها، ورغم مرور 3 سنوات على تشكيلها إلا أنها لم تصل إلى نتائج محددة حتى الآن؛ ولكن كل ما انتهت إليه أنها أعطت شرعية للانقلاب الحوثي على الشرعية بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي.
فلجان التحقيق الدولية تحتاج إلى قوة قانونية تستطيع من خلالها التحرك في عملها. كما تحتاج إلى خبراء محايدين فعليًا لا يوجد لهم رأي سياسي مسبق في الأحداث أو يعتقدون بفكر سياسي قد يؤثر على عملهم مثل لجنة اليمن.
واللجنة سوف تصدر قرارًا من المفوض السامي لحقوق الإنسان بتسمية رئيسها وأعضائها والفريق المعاون لها.. كما تحتاج إلى تمويل لعملها، ولأن الدول الأوربية إما رفضت القرار أو امتنعت عنه فهي لن تمول هذه اللجنة، وكذلك الولايات المتحدة التي انسحبت من المجلس وتحولت من عضو إلى مراقب ورفضت القرار أصلًا، فبالتالي يجب أن تبادر دولة أو أكثر من الدول العربية بتوفير تمويل لهذه اللجنة حتى تباشر عملها.
القرار خطوة معنوية وأدبية كبيرة. ونحن علينا الآن أن نحولها إلى خطوة واقعية. ونرى تقريرًا يشير بكل وضوح إلى مجرمي الحرب الحقيقيين في هذا العالم. ندعم من خلاله الشكوى الفلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية. فهذا التقرير سيكون دليلًا جديدًا ضد جرائم الاحتلال الصهيوني في أرضنا العربية المحتلة.