يزداد توتر العلاقات بين إيران ودول الخليج بشكل ملفت تدريجياً، إذ تُتهم من معظم دول الخليج بزعزعة أمنها وإثارة فتن طائفية، فضلاً عن دعمها لخلايا إرهابية قبض على الكثير منها في الآونة الأخيرة، وانعكس نشاطها على العلاقات السياسية، خصوصاً بعد طرد السفير الإيراني من المنامة وقطع اليمن لعلاقتها مع طهران.
ويقول مسؤولون خليجيون إن رعاية طهران للخلايا الإرهابية في الخليج، تتمثل بتجهيزها عسكرياً بأحدث المواد المتفجرة والأسلحة الخفيفة، وتتكفل بدعم مخازن أسلحة فيها. كما تقوم بتدريب عناصر الخلايا في إيران أو مناطق ذات نفوذ إيراني مثل لبنان، حسبما كشفت آخر التحقيقات مع خلايا في الكويت والبحرين.
ويتم تجهيز تلك الخلايا بالأسلحة والذخائر عن طريق التهريب من البحر؛ بسبب صعوبة تمريرها براً عبر المنافذ ذات الإجراءات الأمنية المشددة.
– محاولات بالجملة ونوعيات مدمرة
بتتبع آخر عمليات التهريب الإيرانية، أعلنت السلطات البحرينية أواخر عام 2013، أنها تمكنت من إحباط محاولة لتهريب أسلحة ومتفجرات سورية وإيرانية الصنع إلى داخل المملكة، قبالة الساحل شمال شرق البحرين، بسفينة ضمت 50 قنبلة يدوية إيرانية الصنع، و295 جهاز تفجير “كتب عليها صنع في سوريا”.
كما أعلنت المنامة في يوليو/ تموز الماضي، عن إحباط محاولة لتهريب متفجرات شديدة الخطورة وأسلحة عبر البحر من إيران أيضاً، والقبض على شخصين متورطين في العملية تلقيا تدريبات عسكرية في معسكرات للحرس الثوري الإيراني.
واحتوى قارب المهربين على نحو 43.8 كغم من مادة (C4) المتفجرة، و8 أسلحة أوتوماتيكية من نوعِ كلاشنكوف، و32 مخزن لطَلْقاتِ رشاش كلاشينكوف، وكمية من الصواعق.
المقبوض عليهما اعترفا بالتورط في عمليتي تهريب سابقتين؛ الأولى في نهاية عام 2013 والثانية بداية عام 2014 من خلال قيامِهم برحلات صيد.
وفي أول أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، أعلنت البحرين أن قواتها الأمنية اكتشفت مصنعاً ضخماً لتصنيع القنابل به 1.5 طن متفجرات في العاصمة المنامة، وألقت القبض على عدد من المشتبه بأنهم على صلة بالحرس الثوري الإيراني.
وفي الكويت كانت الأرقام متشابهة ومذهلة، خصوصاً مع خلية “العبدلي” التي تم القبض عليها منتصف أغسطس/ آب الماضي. وحوى مخزن الخلية على 19 ألف كغم ذخيرة متنوعة، و144 كغم متفجرات متنوعة من مادة TNT ومادة PE4 ومواد أخرى شديدة الانفجار. و65 سلاحاً متنوعاً، وثلاثة آر.بي.جي و204 قنابل يدوية، بالإضافة إلى صواعق كهربائية.
واعترف منسق الجناح السياسي للخلية، عن وجود خط بحري من إيران لتهريب الأسلحة للكويت، وذكر المتهمون في التحقيقات أن الأسلحة يتم إلقاؤها في البحر؛ ومن ثم يتم الوصول إليها عن طريق الإحداثيات، ونقلها عبر قوارب خشبية، وأن الأسلحة المخبأة أكبر بكثير من الأسلحة التي تم العثور عليها مؤخراً.
وذكرت صحيفة “الجريدة” عقب الحادث أن الحرس الثوري الإيراني درّب أعضاء من الخلية قبل عام، إلى جانب مواطنين من السعودية والبحرين على استخدام الأسلحة والمتفجرات في جزيرة بالبحر الأحمر، وأنهم سافروا إليها عبر ميناء تسيطر عليه جماعة الحوثي المدعومة من إيران والتي تسيطر على معظم شمالي اليمن.
وفي اليمن الذي تسيطر على أجزاء واسعة منه جماعة الحوثي الموالية لطهران، فقد كشف رئيس الأمن القومي اليمني، اللواء علي حسن الأحمدي، الأربعاء، عن ضبط خمس شبكات تجسس إيرانية، وباخرة محملة بالأسلحة في سواحل البحر الأحمر، كانت قادمة للمليشيات.
وضبط التحالف العربي الذي تقوده السعودية، في 30 من سبتمبر/ أيلول الماضي، في بحر العرب، زورق صيد إيراني محمل بأسلحة كانت في طريقها إلى الحوثيين في اليمن.
وأشار تقرير سري لخبراء في الأمم المتحدة رفع إلى مجلس الأمن الدولي العام الجاري، أن إيران تقدم أسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، منذ عام 2009 على الأقل. وبالطبع تجري محاولات لتهريب كميات من تلك الأسلحة إلى السعودية عبر حدودها الواسعة مع اليمن.
– دول الخليج تكثف تدريباتها في “خليج السلام”
وتحاول دول الخليج رفع جاهزيتها في مواجهة تلك العمليات، عبر تدريبات لقوات خفر السواحل، التي لا يبدو أنها واجهت مسبقاً مخاطر بهذا الحجم والتحايل في التهريب.
“خليج السلام” هو اسم تدريبات لخفر السواحل وحرس الحدود في دول الخليج، تنفيذاً لقرار وزراء داخلية دول مجلس التعاون بإجراء تمارين بحرية وتدريبات مشتركة لاكتساب الخبرات وتبادل المعلومات بين الدول الأعضاء، وذلك منذ أكثر من خمسة أعوام.
ولنجاح وتفعيل التدريبات بشكل أكثر، قسمت التدريبات هذا العام لمجموعتين، تتكون مجموعة من خفر السواحل الكويتية والسعودي والبحرينية، وجرت التدريبات في المنامة واختتمت في السابع من الشهر الجاري.
وفي الإمارات استضيف خفر السواحل لسلطنة عمان وإدارة خفر وأمن السواحل في دولة قطر، لإجراء تدريبات مشتركة اختتمت اليوم الأربعاء. كما تقوم الدول الخليجية بشكل منفصل بإجراء تدريبات من هذا النوع مع أمريكا ودول أوروبية.
وكانت وسائل إعلام كويتية قد نقلت عن مصدر أمني قوله، بأنه تتم حالياً دراسة فصل الإدارة العامة لخفر السواحل عن قطاع أمن الحدود، في خطوة لإعادة ترتيب بعض القطاعات الأمنية.
وقال المصدر إن الدراسة تنص على فصل الإدارة العامة لخفر السواحل وجعلها قطاعاً منفصلاً.
وقد تبدو تلك الخطوات أكثر ضرورة خصوصاً بعد أن سحبت الولايات المتحدة الأمريكية حاملة الطائرات “تيودور روزفلت” من مياه الخليج العربي الجمعة الماضية، ليصبح الخليج خالياً للمرة الأولى منذ عام 2007 من حاملات الطائرات الأمريكية. وهو ما قد يفتح شهية إيران نحو اختراقات أكثر عمقاً.