أثارت تصريحات وزير خارجية مصر، سامح شكري، البلبلة والغضب في مصر كلها، فقد صرح بأن الملء الثاني لسد الموت الإثيوبي لن يكون ضارًا لمصر وأن الخط الأحمر الذي تكلم عنه الرئيس السيسي يتحقق عندما يقع الضرر وليس عند الملء الثاني. ويبدو أن السيد الوزير الذي قضي أكثر من سبع سنوات في مفاوضات عبثية. وكانت محصلتها صفر كبير من الإنجازات في مفاوضات امتدت لأكثر من عشر سنوات نسى أن الملء الثاني سيمنع أي تدخل عسكري مصري أو سوداني وإلا غرق السودان لو تم ضرب السد بعد الملء الثاني.
لقد فاض الكيل ولا نستطيع أن ينسى الشعب المصري الكم الهائل من التعنت الإثيوبي والسخرية الدائمة من كل التصريحات التي تخرج من مصر والتعامل الأثيوبي مع مصر على أنها دولة قزم لا قيمة لها، ولا تستطيع أن تفعل شيئا إلا الخضوع للمشيئة الإثيوبية ولا أظن أن صدمة التصريحات التي خرج بها وزير الخارجية ستمر مر الكرام والتي هي عكس تصريحات رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة والتي حدد بها الخط الأحمر الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام العالمية والتي تؤكد أن مصر لا تقبل أن يهدد أحد أمنها المائي ولا يستطيع أحد أن يعتدي على حقها في مياه النيل وأن قضية مياه النيل هي قضية وجود.
لقد تأكد السيد وزير خارجية مصر أن مصر لن تفعل شيئا إلا بعد حدوث الضرر الجسيم على مصر والحوار منشور صوتا و صورة على كل وسائل التواصل الاجتماعي وأن الخط الأحمر لها مرتبط بحدوث الضرر الجسيم، وبالطبع احتفلت كل وسائل التواصل الإثيوبي بتصريحات الوزير المصري التي تؤكد أن الملء الثاني لن يسبب ضررًا لمصر وبالتالي فما تقوم به إثيوبيا حاليًا من تخزين وحجز مياه النيل عن مصر والسودان يكتسب شرعية يعطيها وزير خارجية مصر هدية لإثيوبيا وتحرم مصر من قطرة المياه.
لقد كنت أرى أن رئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك ووزير الري السوداني يوسف عباس يخدمان إثيوبيا في قضية بناء سد الموت الإثيوبي، وأن مصالحهما مرتبطة بمصالح إثيوبيا، وليس السودان، والآن لا أجد لتصريحات وزير خارجية مصر ما أفسر به ما يقصده، ولكن للأسف أن تلك التصريحات لا تختلف عن تصريحات رئيس وزراء السودان ووزير الري السوداني، ولكني أرى أن ما صرح به نزل بردًا وسلامًا ومحبة من إثيوبيا عليه، وللأسف رفع غطاء الطمأنينة عن كل شعب مصر، وكلنا يعلم أن هناك من يتربص بمصر وأهلها، و يتمنى أن يرى يومًا صعبًا على الشعب المصري، وينشر الإشاعات والأكاذيب والبلبلة بين الناس، وأظن هذه التصريحات لا تصب إلا في هذا الاتجاه.
لقد كان لمصر قيمة وقامة واحترام في قضية توحيد ليبيا، وكان الخط الأحمر واضحًا لأعداء مصر، ولم يجرؤ أي من أعدائها على تخطيه، وكان لنا موقف محترم ومشرف في الوقوف مع المقاومة الفلسطينية لحماية المسجد الأقصى، ولكننا الآن نخسر في القضية الوجودية، والتي يعني الفشل فيها ضياع مصر، رغم أن مصر قوية ولديها القدرة الكاملة على منع الأذى والضرر والدفاع عن نهر النيل حياة مصر.. ننتظر كلمة السيد الرئيس التي نثق فيها لكي نطمئن على أننا لن نفقد النيل إلى الأبد فلا حياة لمصر دونه.