للقيادة شروط ومبادئ وقواعد أخلاقية، سمعنا بها، وتعلمناها من سير القادة العظام في التاريخ البشري، أولها وأهمها أن يكون شجاعاً، لا يداخله الخوف أو التردد، ولا يكون جباناً، لا يخشى عدواً، ولا يهاب المواجهة، فهذه علامات تبرز وتكبر مع الشخص الذي يستحق أن يتولى قيادة جيش أو فرقة مقاتلة أو حركة مناضلة. فالإيمان بنفسه وبدوره وبمن معه يكمل إيمانه بربه أولاً وبعدالة قضيته ثانياً.
وقيل بأن القائد لا يترك أرض المعركة، ولا يلقي سلاحه. فهو أول الواقفين في الصفوف الأمامية، وآخر المغادرين. سواء كان منتصراً أو مهزوماً، حياً أو ميتاً. وهو الذي حمل روحه على كفّه لحظة أن قبل تحمل الأمانة وتولي القيادة، وعليه أن يؤديها بشهامة الأبطال ورجولة الشجعان.
تذكرت كل ذلك عندما رأيت إسماعيل هنية «قائد حماس» في الدوحة، يخطب في الجموع المجمعة من تنظيمه الأم، الإخوان المسلمين، وذراعهم الإعلامية، قناة الجزيرة، وتساءلت مع الملايين من أبناء الأمة، الذين يخدعون للمرة الألف من ذلك التنظيم الإرهابي و«فراخه» الصغيرة التي تتشكل على هيئة حركات ثورية ونضالية مقاومة، تساءلت من أجل كل الذين لم يعجبهم ما قلته بالأمس، فهذه حركة «حماس» وهذا قائدها «المناضل الفذ»، ترك الجمل بما حمل، ترك الصبية يلعبون بالنار حتى يجد هو و«خالد مشعل» أسباباً تجر الدمع والنواح، فجأة يظهر في الدوحة، على بعد ثلاثة آلاف كيلومتر، في آخر الصفوف المدارة «عن بعد»، مع كل الجبناء الذين خانوا بلادهم وناسهم وتجمعوا تحت رعاية «القرضاوي» و«بشارة» وحمد بن جاسم والعمادي، أشعلها ناراً، وترك غزة لمصيرها تحت نير العدوان الذي استدرجه لمواجهة يعلم أنها خاسرة.
هرب الجبان، ولم يخجل من نفسه، ومعه عائلته، وقد يقول قائل منهم «إن القائد يجب أن يكون أول الهاربين لأنه لا يتكرر»، فهؤلاء الإخوان الذين حرفوا «القرآن» لن يتوانوا في تحريف قواعد وأخلاقيات القيادة.