نون والقلم

د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب: استهدافُ المدنيين والتجمعاتِ السكنيةِ

على مدى سبعة أيامٍ متواليةٍ يواصل جيش العدوان الإسرائيلي بإصرارٍ وعنادٍ، استهداف المدنيين الفلسطينيين في مختلف مناطق قطاع غزة، مستخدماً أحدث الطائرات القتالية وأكثرها فتكاً وتدميراً، التي تقصف المنازل السكنية بأضخم الصواريخ المدمرة، وتلقي عليها أطناناً من القنابل والمتفجرات، التي تزلزل الأرض وترج المنطقة كلها، وتصدر انفجاراتها الكثيرة أصواتاً مرعبةً مهولةً، وتحدث خراباً ودماراً واسعاً، وتقتل وتصيب كل من يوجد في دائرتها الواسعة، وتتسبب في سقوط المباني وتصدع المنازل، وتشقق الشوارع وتحرث الأرض، وسقوط أعمدة الكهرباء وتمزيق شبكاتها، ما يؤدي إلى انقطاعٍ شاملٍ للكهرباء عن مناطق كثيرة في القطاع.

أخبار ذات صلة

الصواريخ والقنابل التي يطلقها ويسقطها جيش العدو الإسرائيلي على رؤوس الفلسطينيين، صواريخ عمياء وقنابل غبية، وأسلحة همجية محرمة دولية، وإن ادعى العدو أنها حديثة وذكية، وأنها تصيب أهدافها بدقة ولا تخطئ، وأنها تتوخى الحذر وتتجنب المدنيين، وتبتعد عن المدارس والأسواق، وعن المؤسسات والمستشفيات، ولا تتعمد المراكز والتجمعات، فهي تقتل دون تمييزٍ العشرات من السكان المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، وقلَّ أن تطال المقاومين والمقاتلين، رغم ادعاءات العدو أنه يستهدفهم بالقصف، ويلاحقهم بطائراته وصواريخه، لكن الحقائق على الأرض تكذبه والصور الحية والأعداد الدقيقة تفضحه.

فقد بلغ حتى اليوم السابع من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عددُ الشهداء 140 شهيداً، من بينهم 39 طفلاً و22 سيدة، فضلاً عن إصابة أكثر من 1040 فلسطينياً، إصابة الكثير منهم حرجة وخطرة، وقد ارتكب في صبيحة اليوم السابع مجزرةً مروعةً بحق أطفالٍ ونساءٍ، إذ قتلت صواريخه «الذكية» ستة أطفال وامرأتين، خلال غاراتٍ نفذتها طائراته الحربية على مبنى سكنيٍ في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، وقد اعترف العدو بجريمته مدعياً أنه قتل في الغارة عدداً من قادة المقاومة ورموزها، ولعله يعلم أنه يهذي ويكذب، وأنه يرجو ويتأمل.

فما قامت به طائراته الحربية ليس إلا جريمةً نكراء بحق الإنسانية. ارتكبها الجيش الذي يدعي أنه الجيش الأكثر أخلاقية ومناقبية في العالم. بينما هو جيشٌ همجي عدواني، لا يتقن غير التدمير والتخريب، ولا يحسن غير قتل المدنيين وترويع السكان الآمنين.

صورُ الأطفال تفضحهم، وآثار العدوان يكذبهم، وأشلاء أفراد عائلتي «أبو حطب والحديدي» تظهر همجيتهم، وتعري حقيقتهم، وتفند روايتهم، فهذا الكيان الذي نشأ على المذابح المروعة، والمجازر الدمية، ما زال يواصل سياسته ويكرر تاريخه، غير مبالٍ بالقيم الإنسانية والقوانين والأعراف الدولية، فهو اعتاد على صمت دول العالم، وتواطؤ الولايات المتحدة الأمريكية والدول العظمى الأخرى، التي تسانده في باطله، وتدعمه في ظلمه، وتناصره في غيه، وتنحاز إليه وتدافع عنه.

يرتكب العدو الإسرائيلي جرائمه النكراء ويتبرأ منها ويتهم المقاومة بها. ويدعي بأن المقاومة الفلسطينية تستخدم المدنيين دروعاً بشريةً. وتحتمي بهم وتختفي بينهم، وأنها تنصب منصاتها بينهم وتطلق صواريخها من تجمعاتهم. وأنها بهذا العمل تعرض سلامة المدنيين للخطر، وتتسبب في قتلهم وإصابتهم.

ولكن الحقيقة أن العدو عاجزٌ عن الوصول إلى عناصر المقاومة، وقد أعياه رجالها وأتعبوه. وتصدوا له وتحدوه، فاحتار بحثاً عنهم، وتحشرجت نفسه جراء ضرباتهم ونتيجة فعالهم. وشعر بالخزي والهوان أمام شعبه وهو يعتذر له عن عدم قدرته على إسكات فوهات النار. والوصول إلى منصات الصواريخ، التي ما فتأت تقصف مدنه، وتروع مستوطنيه. وترد بالمثل على جرائمه قتلاً وتدميراً، لكنه وهو الجبان الحاقد. الأهوج الكاذب، لا يجد غير الأطفال فيقتلهم، والنساء فيستهدفهم، والبيوت الآمنة فيدمرها، فهذا عهده وديدنه منذ أن تأسس ظلماً، وزرع بيننا في مثل هذه الأيام قبل 73 غريباً شاذاً منبوذاً.

moustafa.leddawi@gmail.com

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة  الأخبار أهم العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى