نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: الأقصى يغير الشرق الأوسط «2»

كانت كل الأحداث تجري في إتجاه واحد بكل سلاسة وهدوء والكل يهرول ليلحق مقعدا دافئا ناعما له في قطار التطبيع . والمفاجآت تتوالى وراء بعضها البعض والمشهد مثير. وما لم يكن في الحسبان يحدث أمامنا علنا. والأشقاء يتفاخرون باستثماراتهم التي ستصبح جزءا من الاستثمارات الصهيونية.

فتحت السفارات العربية في قلب فلسطين المحتلة لتعترف بالكيان الصهيوني. و خطوات متسارعة لدمج الشعوب ومحو الكراهية التي زرعت خلال عشرات السنين ووصلت لإلغاء تأشيرات الدخول لكل من يحمل الجنسية الإسرائيلية عند دخول بعض الدول العربية ووضع حجر الأساس للمشروعات العملاقة التي ستدعم الاقتصاد الصهيوني على حساب كل المشروعات العربية.

وهناك من خرج علينا بفيديوهات للعرب يرقصون بصداقة و حب مع من احتلوا أراضينا و يضربون بالطائرات كل يوم أهلنا في سوريا و العراق و لبنان و يدبرون المؤمرات ليلا و نهارا سرا و علنا لإسقاط مصر و تفتيت و تمزيق كل الدول العربية وقبل كل هذا تمكين المستوطنين اليهود من أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسري الرسول سيدنا محمد صلي الله عليه و سلم و منع المسلمون من الصلاة فيه.

ثم أراد الله أن يستيقظ الجميع من هذه الكوابيس المتسارعة المتلاحقة لنستيقظ على الصورة الحقيقية الإسرائيلية التي نعرفها جميعا طوال حياتنا هذه الدولة التي زرعت وسط كل الدول العربية بالقهر و الحروب و القتل و الاغتصاب والتهجير منذ صدور وعد بلفور المشئوم عام 1917 و الذي عملوا على أن ننساه فلا نذكر به أولادنا ولا أحفادنا وننسي حروبها أعوام 1948 التي اغتصبوا فيها دولة فلسطين العربية وحرب 1956 العدوان الثلاثي التي اشتركوا فيها مع إنجلترا و فرنسا و احتلوا فيها سيناء ثم انسحبوا منها مع انسحاب إنجلترا و فرنسا بعدما صمدت مدن القتال بورسعيد والسويس و الإسماعيلية أمام الجيوش الثلاثة. و نكسة الخامس من يونيو 67 التي احتلوا فيها سيناء والجولان السورية و أجزاء من الأراضي الأردنية واحتلوا القدس كاملة ودفنوا جنودنا أحياء بدم بارد وبلا ذرة رحمة ثم  حرب الاستنزاف التي قتلوا فيها أولادنا في مدارسهم ثم انتصارنا عليهم في حرب السادس من أكتوبر التي درمنا فيها خط بارليف و الأسطورة المزيفة بأنهم الجيش الذي لا يقهر  .

تاريخ يمتد لعشرات السنوات من الدماء بيننا و بينهم و آلاف الشهداء و المعتقلين في سجونهم. راحت في سنوات قليلة تمكنوا فيها من اختراق كل المؤسسات الرسمية لكل الدول العربية. و لكنهم فشلوا في إختراق مشاعرنا العربية الأصيلة. كما فشلوا في كسر الإرادة الفلسطينية. رغم كل العنف و القهر الذي مارسوه ضد إخوتنا في فلسطين علي مدي عشرات السنوات. و رغم كل الدعم العسكري و الاقتصادي والمخابراتي الأمريكي و الأوربي للكيان الصهيوني فقد أراد الله أن يكون الرعب والفوضى في إسرائيل علي يد المرابطين حول المسجد الأقصى و المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات طويلة و بصواريخ لا تقارن أبدا بترسانة الأسلحة الحديثة التي تمتلكها إسرائيل و أظهرت المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني شجاعة لم يكن يتوقعها العدو أبدا وأصبحت فيديوهات الرعب و الذعر للصهاينة عند كل إطلاق للصواريخ عليهم هي المسيطرة على كل وسائل التواصل الاجتماعي. و أغلقت المطارات الرئيسية لديها و علقت خطوط الطيران الأمريكية و الأوروبية رحلاتها لهذه المطارات. التي يتم قصفها بشكل متكرر رغم العدد الكبير من الشهداء و المصابين الذين سقطوا بسبب القصف الجوي الصهيوني عليهم .

لقد سبق و كتبت في مقالي السابق أن الأقصى سيغير الشرق الأوسط . وأنا أعلم يقينا أن هذه التغييرات مازالت في بدايتها و تحتاج إلى كثير من المقالات. لشرح أبعادها التي حتما ستكون لصالح شعب فلسطين و مصر و الشعوب العربية المؤمنة بحقوق دولة فلسطين المغتصبة. و حقنا في إسترداد المسجد الأقصى. ولكن تأثير الأحداث حتما ستصل إلى كل دول الشرق الأوسط لا محالة .

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة  الأخبار أهم العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى