رفض الغرب المواجهة الجماعية لجائحة كورونا، ثلاث أو أربع دول قررت أن تقود العالم، رغم سوء إدارتها للاحتياطات الداخلية.
وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تتربع على عرش قائمة الإصابات والوفيات، تركوا الاحترازات والخدمات الطبية الأولية، وأطلقوا مقولة «مناعة القطيع»، وشنّوا هجوماً عنيفاً على منظمة الصحة العالمية، مستهدفين تحييدها بعد هز ثقة العالم بها، وأداروا حملة تشويه غير مسبوقة ضد الصين، بدعوى أنها من أطلق ذلك الفيروس، وركزوا اهتمامهم على إنتاج اللقاحات خلال أشهر، ولم تكن حياة الناس هي غايتهم، فقد كان بريق الذهب في منجم الجائحة أكثر لفتاً للانتباه، وبنفس النظرة الفوقية التي تطبّع بها الغرب تم التعامل مع حياة ومستقبل البشرية.
كل شيء يجب أن يبدأ من الغرب وينتهي عند الغرب. هذه هي الثقافة السائدة. فهم ما زالوا يعيشون في الماضي. لا يريدون أن يعترفوا بأن «الأبسطة» قد سُحِبت من تحت أرجلهم. لم يستوعبوا بعد مبدأ عدم ثبات الحال. فالدنيا تدور والمقاييس تتغير والموازين تتبدّل، والقوي يضعف، والضعيف أو الصغير ينشط ويكبر وينافس. وقد يواجه إذا استدعت الظروف.
فقد كانوا منشغلين في عد حصيلة ما سيجنون من اللقاحات، وليس ما سينقذون من الأرواح، وتكاتفوا حول إنتاج شركاتهم، وحاربوا إنتاج غيرهم، رفضوه قبل الفحص، واستبعدوه قبل التجارب، وأظهروا «الوجه القبيح» للإنسان الجشع المتصيّد للفرص حتى وإن كانت مغطاة بالجثث، وقد ذكر ذلك في كتبهم خلال انتشار الأوبئة في القرون الماضية، تحدثوا عن تجار كان كل همهم الإثراء على حساب المأساة التي استثمروها خير استثمار.
واليوم نشاهد تكراراً لما كان يكتب عن الحقب السابقة، تجار يبيعون بضائعهم لمن يشاؤون، ويمنعونها عمّن يشاؤون، والحكم هو الدولار أو اليورو والإسترليني، رافضين أي تعاون مع الآخرين، أقحموا صحة وسلامة البشرية ضمن الصراع الاقتصادي والمالي، وأخّروا المواجهة الدولية الجماعية للجائحة طمعاً في المال.