كل المناضلين والمقاومين الذين مرُّوا على لبنان منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم تاجروا في المخدرات، أيام الأحزاب الثورية، وأيام تحرير فلسطين عبر «شارع الحمرا» بباراته ومراقصه وملكات جماله، حتى ظهور المذهبية و«فيلق القدس المنتظر»، قايضوا المخدرات بالسلاح في اتفاقيات غير معلنة ولكنها ليست سرية مع «مافيات» إيطاليا، وبيضوا «الأموال القذرة» بوساطة تجارهم في دول الخليج وبقية دول العالم.
كان لبنان ذات يوم منقسماً على نفسه، وكل فئة قبلية أو سياسية أو دينية لديها منطقة تزرعها وموانئ تخرج منها اليخوت المحملة بالحصيلة، وأصحاب المطاعم والمخابز ومحال الأثاث والستائر في منطقتنا يستوردون احتياجاتهم من لبنان فقط، وقد تساقط عدد كبير منهم، كشفتهم الأجهزة الأمنية، منذ الثمانينيات، ولم تتخذ أي إجراءات جماعية، بل كان التعامل مع كل قضية بشكل منفرد، حتى سيطر حزب حسن نصر الله على كل المناطق الزراعية في لبنان، ورفض الخطة الدولية لاستبدال زراعة المخدرات بمحاصيل غذائية مع تعويض المزارعين، ووضعت تلك المناطق تحت حراسة «فتيان المقاومة» بأسلحتهم لحماية المزارع التي تدر ذهباً.
وقبل فترة وجيزة قالت إسرائيل إنها اكتشفت أنفاقاً تربط جنوب لبنان بشمال فلسطين، وقالت إنها تشكل خطراً أمنياً كبيراً. وأن حزب نصر الله حفر الأنفاق ليتمكن من تنفيذ هجمات. وهذا ليس صحيحاً، لأن هذه الأنفاق موجودة منذ سنوات. ولم نسمع، مجرد سماع دون رؤية، أن هذا الحزب «المقاوم والمناضل» نفذ عملية واحدة في الداخل الإسرائيلي. وسكتت إسرائيل وسكت نصر الله، لأنهم جميعاً يعلمون أن الأنفاق تدار من الجهتين. وأن المخدرات هي السلعة الأولى التي تمر عبرها. وأن المصالح متبادلة بين المتنفذين هنا وهناك!
وبهذه المناسبة، يقال إن مسلسلاً سورياً لبنانياً اسمه «2020» يعرض الآن مع مسلسلات رمضان، يتحدث عن حشو الخضراوات والفواكه بالمخدرات، وقد استبدل الرمان في المسلسل بالكوسة!