كل خطوة نحو التهدئة نباركها، فنحن بحاجة إلى نقاط التقاء وليس إلى عوامل تفرقة.
إنني أتحدّث باسمي. وليس نيابة عن أحد. حتى وإن استخدمت صيغة الجمع. ورأيي وإن كان شخصياً فهو يعبّر عن رأي مجموعة كبيرة قد تكون غير قادرة على إيصال صوتها.
التسريبات المتوالية حول لقاء سرّي تفاوضي بين فريق سعودي وفريق إيراني في بغداد، ومحاولات الشدّ والجذب، ولفت الانتباه وتشتيته، والنفي والتأكيد. ومنح اللقاء أهمية أو اعتباره خطوة تسبق الخطوات العملية الجادة. كل ذلك ليس مهماً اليوم، المهم هو أن جداراً صلباً قد فتحت فيه ثغرة ينفذ منها ضوء يدعو إلى الأمل. فنحن أهل المنطقة العربية في الخليج ليست لدينا نوايا عدوانية ضد أحد، وخاصة للجارة الشرقية إيران. لم نعبث معها لأننا لسنا من العابثين، ولم نهدّد أمنها، لأن أمننا امتداد لأمنهم واستقرارهم، ولم نحرّض عليهم، لأننا لا نبحث عن الفوضى وانتشارها حولنا، ولا نقوم باستعراضات للقوة في مياهنا الإقليمية أو الممرات الدولية، لأننا نريدها آمنة، ولا نسمح للعسكر من قادة جيوشنا بإطلاق تصريحات لترهيب جيراننا، لأننا نؤمن بالعيش المشترك مع الجيران، ولا نصنع الصواريخ لنثبت أننا أقوياء، لأننا واثقون من قدراتنا الدفاعية، ولا نحمل في أدراجنا السرية أجندات انتشار وتوسّع وتشكيل تنظيمات موالية تزعزع دولاً مستقلة، لأننا ننأى بأنفسنا عن التدخل في شؤون الدول وسيادتها.
الأذرع مفتوحة، والنوايا صادقة، والخطوط الحمراء مرسومة، وما فشل قبل قرون سيفشل مرة ثانية وثالثة، ولن تتحول الأرض عن انتماءات ناسها، ولن تقطع الجذور المروية دماً وعرقاً ومحبة وولاء، والخطوة المتقدمة تقابلها خطوات، فقط مطلوب منها أن تبنى على القناعة من بعد حسن النية، ولا تكون الضغوط الدولية هي الدافع فقط، قناعة بأن الجميع ثابتون في أماكنهم، والعيش تحت ظل السلام يولد اطمئناناً لأهل الخليج، شرقه وغربه، ويحقق عيشاً كريماً لهم.