نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: مجلس الشيوخ والثانوية العامة

لا شك أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو التطور والحداثة والنمو في اتجاهات عدة. بهدف إحداث النهضة الشاملة في المجمع المصري بكل مكوناته.. ومن البديهي أن يدخل قطاع التعليم بكل مستوياته ضمن أولويات الدولة في عملية التطوير والتحديث. باعتبار أن التعليم هو قاطرة النهضة للأمم.

وقبل أسابيع قليلة تقدمت الحكومة بمشروع قانون لتعديل بعض مواد القانون رقم 139 لسنة 81. والخاص بنظام امتحان الثانوية العامة إلى مجلس الشيوخ. وعقدت لجنة التعليم والبحث العلمى برئاسة الزميل الدكتور محمد نبيل دعبس اجتماعًا لمناقشة التعديلات تمهيدًا لعرضه على المجلس، وتحددت جلسة الاثنين الماضي لمناقشة القانون، وقبل بداية الجلسة علمت من بعض الزملاء في لجنة التعليم أنها انتهت إلى رفض مشروع القانون.

ومع هذا لم أكون رأياً بخصوص المشروع إلا بعد الاستماع إلى وجهة نظر الدكتور طارق شوقي وزير التعليم، وأيضاً إلى الأسباب التي أدت إلى رفض اللجنة للمشروع، وبالرغم من قناعتي الشديدة بأهمية وضرورة تطوير منظومة التعليم في مصر، واستعادة مصر لريادتها في هذا القطاع تحديدًا. خاصة أنه كان من أهم أسباب نهضتها قبل قرنين من الزمان إلى حد أن اليابان أرسلت بعثة إلى مصر لنقل التجربة المصرية.

ومن خلال المناقشات التي جرت لأكثر من ثلاث ساعات، والتي بدأت بطرح الدكتور طارق شوقى لوجهة نظر ومبررات الوزارة في هذا المشروع الذي يتلخص في أن تكون نتيجة الثانوية العامة على أساس تقييم درجات الطالب في الثلاث سنوات بدلاً من السنة الثالثة فقط، كما يحق للطالب دخول الامتحان أكثر من مرة لاختيار أفضل نتيجة يحققها، شريطة أن يدفع الطالب خمسة آلاف جنيه عن المادة التي يريد الامتحان بها مرة أخرى لتحقيق نتيجة أفضل.

ومع أن القانون استحوذ على مناقشات مطولة، وكانت في معظمها موضوعية. باعتبار أن الثانوية العامة تشكل مرحلة مفصلية في حياة الملايين سواء كانوا طلابًا أو أسرًا، كما أنها تمثل عبئا ماليا ونفسيا وذهنيا على الأبناء وأولياء الأمور معًا، ولذلك كانت المناقشات عميقة وواقعية من شتى الجوانب، وكشفت عن عدم دستورية مشروع القانون لمخالفتها للمادة التاسعة من الدستور التي تنص على – تلتزم الدولة بتحقيق التكافؤ بين جميع المواطنين دون تمييز – وأيضاً مخالفة المادة 19 من الدستور والتي تنص على – التعليم حق لكل مواطن هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية، وإلى آخر المادة التي تؤكد على أن التعليم إلزامي حتى نهاية الثانوية العامة وتكفل الدولة مجانيته – كما كشف الأعضاء أن القانون يضاعف هموم الأسر المصرية ثلاث مرات باعتبار أن الثانوية العامة سوف تتحول إلى ثلاث سنوات بكل ما تحمله من أعباء الدروس الخصوصية والتوتر النفسي والعصبي، إضافة إلى المشاكل الموجودة حاليًا في التحول نحو التكنولوجيا الحديثة والامتحان من خلال التابلت الذي ما زال يواجه مشكلات في الريف والصعيد، وهو ما انتهى بالمجلس إلى رفض مشروع القانون.

هنا غضب الدكتور طارق شوقى وزير التعليم وخانه التعبير عندما قال إن مجلس الشيوخ يقف ضد تطوير التعليم، وهو الأمر الذي أغضب أعضاء المجلس، ولولا حكمة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس المجلس لحدثت أزمة كبيرة، خاصة أن المجلس يضم نخبة من العلماء والخبراء وجميعهم يساندون الرئيس عبد الفتاح السيسي وكل مؤسسات الدولة في كل ما يحقق النهضة لهذه الأمة.

ورغم قناعتي الشديدة بفكر وعلم الدكتور طارق شوقي وقدرته على إحداث تطور حقيقي في قطاع التعليم. إلا أن طموحه الكبير والسرعة نحو تحقيق أهدافه، تتعارض مع الدولة العميقة والثقافة المجتمعية. وأيضاً عدم جاهزية البنية الأساسية في قطاع التعليم المختلفة. وتحديدًا في جوانب التكنولوجيا الحديثة وكلها أمور تحتاج إلى التدرج وبعض الوقت.. وفي اعتقادي أن التطوير الشامل والحقيقي يجب أن يبدأ بمرحلة التعليم الأساسي. على أن تكون في شتى الجوانب العلمية والتربوية والحداثة. حتى يكون لدينا جيل كامل متمكن منذ البداية لكل وسائل التكنولوجيا الحديثة وتكون الانطلاقة من القاعدة إلى القمة.

حمى الله مصر

نائب رئيس الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى