عندما نريد أن نثبت قضية تاريخية حصلت قبل مئات السنين بالتأكيد فأننا نبحث عن المصادر المعتبرة التي تؤيد تلك القضية (والحديث هنا عن القضايا الإسلامية) وبعد التحقيق والتدقيق فأننا سوف نثبت تلك الواقعة ونتكلم بها ونتعظ من مجريات أحداثها؛ لأن في التاريخ دروس وعبر، ولا ننسى أننا كلما ابتعدنا عن عصر النص الذي هو عهد رسول الله وأهل بيته الكرام (عليهم الصلاة والسلام) فإن الزيف والكذب والتدليس سوف يقع بالروايات والأحاديث بسبب أعداء الإسلام المزورين الماكرين، ولكي لا نذهب بعيدًا نأخذ على سبيل المثال لا الحصر قضية الهجوم على دار الزهراء – عليها السلام – وكسر ضلعها وإسقاط جنينها وحرق باب أمير المؤمنين (عليه السلام) هذه الحادثة حصلت سنة (11 للهجرة) وعندما نرجع للمصادر نجد أنه لا يوجد إجماع على تلك الرواية بل هناك نفي من كبار علماء الشيعة ومحققيهم ومنهم الشيخ المفيد – رحمه الله – وكما أشار سيدنا المحقق الصرخي لذلك في عدة نقاط.
أـ الشّيخ المُفِيد (رض) يَتَبَنّى القَولَ بِعَدَمِ وجودِ المحسن. حَيث قَالَ فِي الإرشَاد:{أولادُ أميرِ المُؤمنِينَ (صَلواتُ الله عَليهِ) سَبعَةٌ وَعشرونَ وَلدًا ذَكَرًا وَأنثَى: الحَسـنُ وَالحُسَـينُ وَزَينَبُ الكُبرَى وَزَينبُ الصُّغرى أمّ كلْثوم)، أمّهم فَاطمَةُ البَتولُ سيِّدةُ نسَاءِ العَالَمِينَ(عَلَيهَا السّلام)}!!
ب ـ الوَاضح جِدًّا أنّ مَبنَى المُفِيد (رض)، النَّافِي لِوجودِ المحسن، يُبطِلُ يَقِينًا دَعوَى الإجمَاع عَلَى وجودِه!!
جـ ـ فِي آخِرِ المَطلَب، وَبَعدَ أن انتَهَى مِن ذِكْرِ جَمِيع أولَادِ أمِيرِ المُؤمنِينَ(عَلَيه السّلام)، قَالَ الشّيخُ المُفِيدُ (رض): {وَفِي الشِّيعَةِ مَن يَذكرُ أنّ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ الله عَلَيها) أسقَطَتْ بَعدَ النّبِيّ (صَلّى الله عَلَيه وَآلِه وَسَلّم) وَلَدًا ذَكَرًا، كَانَ سَمّاه رسولُ اللّهِ(صَلّى الله عَلَيه وَعَلَى آلِه وَسَلّم) محسنًا، وَهوَ حَمْل}، وَهَذا يؤكّد بطلانَ ادّعَاء الإجمَاع الشّيعِي عَلَى وجودِ المُحسن!!
د ـ إضَافةً لِنَفْيِ الإجمَاع، فَإنّ قَولَه {وفي الشِّيعَةِ من يَذكرُ..} يَدلّ بِوضوحٍ عَلَى قِلّةِ وَضَعْفِ مَن يَقولُ بِوجودِ المُحسن!! بَل لَـم يَنْسُـبْه إلَى عَالِمٍ، وَلَا يَرتَقِـي أن يَكونَ روَايَة أصلًا!!
هـ ـ بَعدَ أن ثَبَتَ بطْلَان الإجْمَاع عَلَى وجودِ المحسن، فَإنّه وَبِالأوْلَوِيّة القَطْعِيّة يَثبُتُ بطلانُ الإجْمَاع عَلَى إسْقَاط المحسن!!
وطبعًا هناك الكثير من الفقهاء والعلماء سنذكرهم تباعًا في مقالات لاحقة لكن ما يهمنا هنا أن نذكر بعض الأمور وهي أنه يوجد اتفاق بين علماء المسلمين الشيعة والسنة على أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان يقول في مواضع كثيرة يمدح بها الإمام علي – عليه السلام – منها (لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبا الحسن) (ولولا علي لهلك عمر) وهنا السؤال هل كان الإمام بعيدًا عن عمر وعدوًا له؟
الجواب وبكل وضوح أنه كان قريبًا منه فكيف لعدو أن يستشير عدوه كما يريد الشيرازية المدلسة؟؟ كيف يسمح الإمام لنفسه أن يكون قريبًا من عمر وهو الكاسر ضلع زوجته وحارق بيته ومسقط طفله!!! هل يوجد عاقل يقتنع بهذا الكلام!!