نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: مكرم محمد أحمد مواقف خالدة

فقدت الصحافة والحركة النقابية المصرية والعربية واحدا من أبرز روادها.. وشيخا من شيوخها، بل علمًا من أعلامها.. فقدنا الأستاذ والنقيب مكرم محمد أحمد، أحد الرموز الحقيقية للمهنة السامية.. وواحدًا من الذين لم يتخلوا عن مبادئهم في الدفاع عن الوطن وعن المهنة وعن حريتها.

فهذا الرجل كان صلبًا قويًا كالصخر في مواقفه النقابية لم يهادن أو يتراجع عن موقف اتخذه طالما كان من أجل مصلحة المهنة ومن أجل وطنه مصر.. وله مواقف شهدتها شخصيا.

فهو الكاتب الوحيد الذي تعرض لمحاولة اغتيال في القضية المعروفة إعلاميًا «الناجون من النار».. وكان هدفا لجماعات الإرهاب بسبب آرائه القوية في مواجهتهم.. وهو من بادر بالقيام بمجموعة من الحوارات مع أعضاء الجماعات الإسلامية المسجونين فيما سمي بالمراجعات الفكرية للجماعة الإسلامية ونتج عنها إعلان هذه الجماعة نبذها للعنف والدخول في حوار مع الحكومة في عهد الرئيس مبارك..  كما أسفرت عن الإفراج عن عدد كبير من قيادات هذه الجماعة.

مكرم لم يتخل عن موقفه من رفض العنف لذا كان هدفا لجماعة الإخوان. وخاصة الزملاء الصحفيين من أتباعها ومن الذين حاولوا التسلق على أكتاف الجماعة وقاموا بتملقها.. لكن الرجل صمد في مواجهة هذه الهجمة ودعم الدولة المدنية الوطنية ودعم ثورة 30 يونيو بقوة.

فقد اقتربت من النقيب مكرم محمد أحمد كما كنت أناديه في عام 1989. عندما اعتصمنا في مقر النقابة لمدة شهر تقريبا بسبب عدم صرف بدل التدريب والتكنولوجيا الذي أحضره في حملته الانتخابية.. وتم صرفه للصحف الحكومية وتم تجاهل الصحف الحزبية.. وكانت تدور حوارات بين المعتصمين والنقيب وأعضاء المجلس وكنا مصرين أن يصرف البدل لجميع الصحفيين ومن هذه الأزمة توطدت العلاقة مع النقيب.

لم يكن الفقيد الكبير نقابيا عاديا لكنه كان يتمتع بقدرة على الحركة فلم يصل مسامعه أن هناك زميلا في مأزق وإلا تحرك فورًا حتى يتم إخراجه من مأزقه وشهدت النقابة على يديه أعمالا كبيرة خاصة في ثنائية «نافع.. مكرم» والمقصود بها تبادل المنصب بين الفقيدين الكبيرين إبراهيم نافع ومكرم محمد أحمد.. وكل منهما كان يستكمل عمل الثاني رغم محاولات الوقيعة بينهما.

ساند مكرم محمد حرية الصحافة في معركة القانون 93 لسنة 95 رغم أنه لم يكن نقيبا للصحفيين لكنه ساند المجلس ولعب دورا في اقناع السلطة في مصر أن تقييد حرية الصحافة هو الخطر الحقيقي على الدولة ومؤسساتها وأن حماية المسئولين من النقد يحولهم إلى أنصاف آلهة كل في موقعه..  وتتحول مؤسسات الدولة إلى عزب خاصة لهم.. وكان حريصا على المشاركة في كل اجتماعات الجمعية العمومية للنقابة التي استمرت عاما كاملا حتى تم الغاء القانون المشبوه.

وعندما تولى رئاسة المجلس الأعلى للإعلام كان حريصا على تفعيل مواثيق الشرف والأكواد الأخلاقية وأن تكون المحاسبة التأديبية هي الأساس بعيدا عن المحاسبة الجنائية وأصدر المجلس في عهده سلسلة من الأكواد الأخلاقية وكانت أمنيته التي لم تتحقق بعد هو إصدار قانون لحرية تداول المعلومات يضمن التدفق الحر لها.

رحم الله النقيب مكرم محمد أحمد وألهم الأسرة الصحفية المصرية، والعربية وأسرته الصبر والسلوان..  وندعو الله ان يدخله فسيح جناته.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى