خمسون عاماً تختصر التاريخ، تجمعه وتنقحه وتصفيه، وتجمع خلاصته في منجزات لم ولن تكون لها سابقة أو لاحقة.
نستطيع أن نكتب مجلدات تعجز أرفف المكتبات عن حملها، وأن نتحدث على الشاشات الملونة مئات الساعات، ولن نقدم كل شيء، لن نلم بكل التفاصيل، ولن نتذكر كل الأسماء والمواقع والتواريخ، ونحن قد عايشنا ما قبل ذلك اليوم العظيم، وما بعده، وتشاركنا اللحظات المشرقة لحظة بلحظة، رأيناها رأي العين، نهضة محفوفة بعزم الرجال، يقودهم فارس ليس مثل كل الرجال، كان محط الأنظار قبل الثاني من ديسمبر في سنة 1971، كان الأمل منذ أن غادر الصحراء حاملاً أحلامه، وأول الأحلام جمع الناس تحت راية واحدة، وقيادة واحدة، وانتماء لأرض واحدة، ومن بعد ذلك تستثمر الطاقات، وتهيأ لها الإمكانات، وتنطلق نحو الأفق البعيد.
خمسون عاماً نفتخر بها، وغيرنا يحاول أن «يصغرنا»، معتقداً بأنها عمر هذه الأرض وشعبها، ولا يراجع التاريخ أو ينظر إلى صمود مئات السنين، حافظت فيها هذه الأرض على نقائها. وانتمائها العربي، وواجهت كل الغزاة الذين طمعوا فيها، وما ميزنا أننا لم نعش على التاريخ. ونتحدث عن بطولات، وسوابق من الماضي، فتلك حقب نعتز بها، ولكننا لا نركن إليها، بل مددنا البصر، ولم تحدنا حدود، فنحن في حقبة النهوض، وأي نهوض هذا الذي سبقنا فيه كل الحقب والأزمان.
زايد عنواننا، وعندما يكون عنوانك رجل استثنائي، وقائد ليس مثل كل القادة، ورمز قبل أن يكون حاكماً كان قدوة. تنجز في خمسة عقود ما لم ينجز في مئات السنين. وها نحن نفتتح الاحتفالات بعام الخمسين ونتلمس منجزاتنا. ونقف مع كل الواقفين، تحية إكبار وتقدير لصناع «معجزة الإمارات»، الأولى في أغلب المجالات. والحافز الذي لا يغار منه بقدر ما يؤخذ من دروسه التي وضع قواعدها. وها هي «براكة» تنادي أهل الإرادة. وتقول لهم «نحن قادرون على صنع المستقبل إذا ملكنا فكراً مبنياً على رؤية مثل رؤية زايد وقادة هذه الدولة التي تحتفل بمرور خمسين عاماً على نهضتها».