أرادت إيران أن تعيد إحياء «حرب الناقلات والسفن التجارية»، لتحقّق مكاسب سياسية، وتضيف أوراقاً تفاوضية تقوّي موقفها، فاختطفت سفناً وفجّرت أخرى، وفجأة، وجدت نفسها تتجرّع من نفس الكأس.
في منتصف الثمانينيات، وبعد أن بدأت تخسر تفوّقها في الحرب مع العراق، اخترعت إيران سلاح الزوارق السريعة، لمهاجمة السفن في مياه الخليج، وركّزت عملياتها على ضرب ناقلات النفط، وأحدثت قلقاً دولياً من تأثر إمدادات الطاقة، وارتفعت رسوم التأمين العالمية على السفن التي تدخل الخليج، وبدأت السفن العسكرية ترافق السفن التجارية التي تحمل أعلام الدول الكبرى، واضطرت إيران إلى تجنّب الاقتراب من تلك السفن، وبدأت مرحلة انتقاء السفن غير المحمية، والتابعة لدول الخليج، والتي أجبرت على إبرام اتفاقات مع الدول الكبرى برفع أعلامها على سفنها، مقابل توفير الحماية، وكان ذلك الفعل، هو بداية وجود الأساطيل الأجنبية في الخليج.
تلك كانت خلفية لما يحدث اليوم، أذكرها، حتى نعرف جيداً ما يدور حولنا. وكيف يمكن أن تستعيد إيران أساليبها القديمة، لتخفيف الضغط الدولي الذي تواجهه. ولكن الزمن تغيّر. فاليوم مختلف عن الأمس، والسفينة الكورية المختطفة من عرض البحر. وفي المياه الدولية. بحجة تلويث البيئة بداية. والابتزاز نهاية، ما زالت في الأسر، والمساومات بالإفراج عنها مقابل الأموال المحجوزة في بنوك كوريا الجنوبية. تنفيذاً للعقوبات، طرحت علانية، لتقدّم إيران صورة واضحة للأسلوب المتبع، دون مراعاة للقوانين والمعاهدات الدولية.
ثم جاءت عملية تفجير سفينة شحن إسرائيلية، والتي قالت عنها صحيفة «كيهان» الرسمية، والمقرّبة من المرشد «إنها كانت عملية احترافية»، فانقلب الاحتراف على المحترف، وصارت سفن إيران في البحر الأبيض، أهدافاً مباحة، وانتقلت إلى البحر الأحمر، يوم الأول من أمس، وذاقت سفينة الحرس الثوري «إيران سافير»، التي تتمركز هناك كقاعدة للسفن الإيرانية، من الكأس التي جهزتها إيران. من يعبث مع الآخرين لا يُسكت عنه، ومن لديه سلاح يتفاخر به. سيجد ألف سلاح يواجهه، والعدوان يقابل بالعدوان، والبادئ أظلم.