مازالت إثيوبيا تتعمد الوصول إلى طريق مسدود منذ بدأت تبني هذا السد و لا تلتفت إلى عواقب ملء السد و أضراره على مائة و سبعين مليون نسمة مصريون وسودانيون.
ولا يهمها أنها ضيعت عشر سنوات عجاف من المفاوضات العبثية تلاعبت في كل يوم فيها بكل الحيل للجلوس حول طاولة المفاوضات ثم تنتهي نتائجها إلى لا شئ وعملت على الفتنة دائما بين الشقيقتين مصر و السودان حتى لا يتحدا ضدها كمبدأ أساسي من مبادئها. وركن من أركان سياستها.
وأطلقت الذباب الإلكتروني يستهزأ بدولة عظيمة أسمها مصر و تعاملوا معها وكأنهم دولة إثيوبيا العظمي وعندما بسط الجيش السوداني يده على أرضه في الفشقة الكبري والصغرى تعاملوا باستهزاء و توعدوا الجيش و الشعب السوداني بالوعيد والانتقام إن لم يتراجع عن إنتشاره في أرض و حدود السودان ومارسوا أعمال القتل ضد المدنيين و العسكريين وقتلوا النساء وخطفوا المزارعين فظهرت كل نوايا العدوان الإثيوبي ضد السودان بلا غطاء و ضاعت أكاذيبهم .
الآن ضاعت كل فرص المفاوضات وأصبح من الواضح أن مسرح العمليات على الحدود السودانية الإثيوبية. علي وشك بداية حرب الدفاع عن الوجود لمصر والسودان. والعالم كله يعلم الحقيقة أن قدرات إثيوبيا العسكرية لا تقارن بالقدرات العسكرية للدولتين. وكل المؤشرات والدراسات تؤكد أن خسائر عدم هدم سد الخراب الإثيوبي أكبر بكثير من خسائر الحرب ضدها.
ولربما كانت هذه الحرب فرصة لعودة أراضي أقليم بني شنقول المقام عليه سد النهضة للعودة إلى وطنه السودان أو إعلانه كدولة مستقلة عن نظام الحكم الإثيوبي الذي تسيطر عليه عرقية الأمهرة التي تعادي كل العرقيات الأخري و تقوم بالمجازر ضدهم و خاصة عرقية التيجراي والأورومو.
وهذه حرب داخلية حقيقية يؤكدها تصريح رئيس وزراء إثيوبيا بأن الجيش الفيدرالي الإثيوبي يخوض معارك عنيفة ومرهقة مع جيش إقليم التيجراي وهو الذي كان يحكم إثيوبيا طوال ثلاثون سنة قبل وصول آبي أحمد للحكم. كما أن الأنباء تتحدث عن انسحاب الجيش الإرتيري من أقليم التيجراي. وهو الجيش الذي تحالف معه آبي أحمد للقضاء علي جيش إقليم التيجراي الإثيوبي. وهو يوضح أنه لا مبدأ له و لا عهد و لا أمان له حتى مع مواطني إثيوبيا أنفسهم. فكيف سنثق به ونعقد معه اتفاقيات لا قيمة لها عنده ولا وزن. ولن يحترمها كما لم يحترم كل المعاهدات الدولية. التي تم توقيعها منذ إتفاقية 1902 و مرورا باتفاقية 1959 و أخيرا 2015 .
كانت تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في إعلان سرت و الجفرة خط أحمر كلمة السر في حل أزمة الحرب في ليبيا و نهاية الأوجاع للأشقاء في ليبيا وقد تعامل معها أردوغان تركيا على محمل الجد وأدرك أن الحل العسكري لن يفيده في حالة دخول الجيش المصري الحرب في ليبيا.
أما إثيوبيا فمن الواضح أن الحسابات عندها مختلفة وتظن أن مصر لا تستطيع ضرب السد. رغم أن كل الخبراء العسكريين أكدوا خلال الأشهر القريبة أن مصر والسودان قادرتان على تدمير هذا السد بكثير من الوسائل. وليس بالضربات الجوية فقط. وأنهما يملكان من الوسائل العسكرية ما يستطيعان به محو التهديد على الدولتين.
و مازلت أعتقد أن قرار الحرب تم اتخاذه للحفاظ علي حياة الشعبين المصري والسوداني. مادامت إثيوبيا مستمرة في الكذب و الخداع. و لعل ما صرح به المتحدث الرسمي الإثيوبي دينا مفتي من عدم وجود مانع عند إثيوبيا لبيع المياه الفائض لديها. ثم عاد بعد دقائق لينفي ما قاله رغم أن تلك التصريحات مسجلة ومؤكدة بالصوت والصورة. إنها الحرب لا مفر خضناها من قبل لتحرير أرضنا و نخوضها الآن لتحرير نيلنا .