أصبحنا نتقبل كل الأخبار التي تأتينا من «كورونا»، أحبة وأصدقاء وشخصيات معروفة ومشهورة وأمهات وآباء يضربهم هذا المرض الخبيث، هذا محجوز، وذاك تحت جهاز التنفس الصناعي، والثالث يرحل عن دنيانا بعد عشرة أيام من المعاناة، هي فقط المهلة التي منحتها «كورونا» للصديق والمعلم عباس الطرابيلي، الذي لم يتوقف عن العطاء حتى يوم دخوله المستشفى، وقد أحزنني كثيراً أن لا أكون في جنازته، فالمسافة بين أبوظبي والقاهرة أصبحت بعيدة ومعقدة.
كثيرون تساقطوا. وكثيرون يداخلنا الخوف ونحن نتابع أخبارهم، ومع ذلك ما زال هناك مستهترون يعتقدون أنهم أقوى من تلك الجرثومة المتنقلة بكل حرية، لا تنفع معهم المواعظ والنصائح والتعليمات.
يتجاوزون القيود وكأنهم أطفال المدارس الابتدائية. يريدون من السلطات أن تلاحقهم ضمن مفهوم الدولة الراعية، والدول أياً كانت إمكاناتها لا تحل مكان المسؤولية الفردية. قيلت هذه العبارة كثيراً ولكن الجموع المعتادة على الفوضى لم تفهمها أو تستوعبها.
وقد شاهدناهم بعد تخفيف القيود، هنا وفي دول خليجية وعربية. رغم أن النداءات لم تتوقف عن التحذير بأن عدم الاحتراز قد يؤدي إلى موجة ثانية أكثر خطورة من الأولى التي مرت، وحدث ذلك، فارتفعت أعداد الإصابات والوفيات اليومية ونحن ندخل مرحلة التطعيم، ولولا استعداد الدولة عندنا، وسرعة تحركها لكانت خسائرنا مفجعة.
فشهدنا إعادة تصحيح التعليمات وتشديدها. وتنشيط الرقابة والتفتيش، والإعلان عن المخالفات والعقوبات، ووقف الأنشطة التي تشكل خطراً يفوق أخطار غيرها، واحتجنا إلى شهرين تقريباً حتى بدأت هذه الخطوات تؤتي ثمارها، فالأرقام اليوم في تناقص، سواء أرقام الإصابات أو الوفيات، والالتزامات نسبتها عالية جداً، وفي نفس الوقت كان الإقبال على أخذ جرعات التطعيم مرتفعاً.
فقد تجاوزنا الستة ملايين ونصف المليون جرعة، وسجلنا نسبة مشرفة وضعتنا في مقدمة الدول، وهذا كله نتيجة جهود مضنية. تبذلها قيادة الدولة وأجهزتها التنفيذية، ونحن كأفراد وعائلات تترتب علينا مسؤولية دعمها، فـالمواجهة محتدمة.