العالم ليس دولة وليس حلفاً، وليس غرباً فقط، وليس شرقاً من دون شمال وجنوب ووسط، وهو، أي العالم، لا يمكن أن يملكه أحد، ولا أن يتحكّم فيه شخص واحد حتى وإن كان جالساً على عرش الطاؤوس!
والأصدقاء في العالم لا يأتون من مكان واحد محصور ومسجل تحت اسم أو صفة أو لون أو جنسية أو لغة أو دين. كل يمد يده، يريد أن يكون صديقاً. ليس حباً في الطرف الآخر، ولكن لأن العلاقة القائمة على الاحترام المتبادل قد تحقق مصالح في الحاضر والمستقبل، مصالح مادية ومعنوية واستراتيجية. فالدول اليوم تتنافس على العلاقات وتنوعها ومنافعها. والقصد هنا يشمل كل الدول، الصغيرة والكبيرة. فالصغيرة لها تطلعات. والكبيرة لها غايات، وهذه وتلك تملكان الإرادة. ومتى ما التقت إرادة طرفين أو دولتين مع بعضهما بعضاً تكوّنت الصداقة وتحققت المنافع.
كبار العالم اليوم لا يحتاجون إلى بحث وتقصٍّ لإيجادهم، وكما أننا نقرّ ونعترف بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأكبر والأقوى والأكثر تقدماً، لا ننكر أن هناك دولاً كبيرة في حجمها وفي قوتها وفي مجالات الاستفادة منها في التجارة والصناعة. وأيضاً في السياسة، وقد لا تكون مكتملة وشاملة كل المجالات. ولكنها متفوّقة في جوانب منها، ولو جمعنا أربع أو خمس دول يمكن أن تغطي الميزات التي تمتاز بها الولايات المتحدة، مثل روسيا الاتحادية والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا. وهناك دول أصغر من تلك التي ذكرت، تخترع وتصنع وتنتج وتبيع من دون ابتزاز أو منّة، تعطي بمقابل، ومن يدفع يحصل على حاجته، بشروط العلاقات المتكافئة بين البائع والمشتري. ومن ذهبوا إلى اليابان وكوريا الجنوبية لبناء المصانع والموانئ والمفاعلات سيذهبون إلى غيرهم في مشاريعهم المستقبلية، العلمية والإنشائية والدفاعية. ولن ينتظروا أصحاب الوجوه العابسة في مجلس النواب أو الشيوخ. بينما ابتسامات أهل الشرق وأوروبا تقابلهم مرحبة.
العالم متنوّع. والخيارات متنوّعة، بتنوّع الأجناس واللغات والعادات، وبتنوّع الإدارات والقيادات والمصالح والإرادات.