في أكثر من مقالة تحدثت عن حقنا في تعويضات مالية من الدول الاستعمارية عن فترة احتلال بلادنا.. وطالبت الحكومات العربية بالتحرك للمطالبة بهذه التعويضات.
والدولة الوحيدة التي تحركت هي الجزائر التي دخلت في حوار مع الحكومة الفرنسية حول الاعتذار أولا عن فترة الاحتلال الفرنسي لها وعن الجرائم والفظائع التي ارتكبتها فرنسا ضد الشعب الجزائري والجدل حول هذه المطالب انتقل إلى فرنسا نفسها وتحول إلى حوار مجتمعي.
ورغم اعتذار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن وقائع التعذيب إلا أنه رفض الاعتذار عن الحقبة الاستعمارية وهو ما تطالب به الحكومة الجزائرية، واتخذ ماكرون عدة إجراءات منها رفع السرية عن أرشيف فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر واعتبر هذا الإجراء جزءا من سلسلة خطوات اتخذها الرئيس إيمانويل ماكرون لتصالح فرنسا مع ماضيها الاستعماري، والتصدى لتاريخها في الجزائر التي خضعت للحكم الفرنسي لمدة 132 عاما، حتى استقلالها عام 1962.
ومن حق الشعب الجزائري أن يحصل على تعويضات من الحكومة الفرنسية وكذلك محاكمة مرتكبي الجرائم وهي محاكمات رمزية هدفها فضح الأيام السوداء التي عاشتها شعوب أفريقيا والدول العربية جراء الحقبة الاستعمارية وعلى رأسها الشعب الجزائري.
ولو تحركت كل الدول العربية الحكومات والمنظمات الأهلية نفس تحرك الحكومة والمنظمات الجزائرية. لكانت المعركة أقوى الآن وكنا حققنا تقدما كبيرا في هذا المجال. خاصة ونحن الآن ندفع ثمن هذه الحقبة التي أورثتنا الفقر والجهل والفساد حتى اليوم.
وعلينا في مصر أن نتحرك لنطالب بريطانيا بأن تدفع ثمن الحقبة الاستعمارية في مصر. ورد كل الخيرات التي حصلت عليها من أراضينا، وأن نحصل عن حقوق شهدائنا الذين سقطوا برصاص الاحتلال الإنجليزي طوال عقود من الاحتلال والتصدى لأي مظاهرة مطالبة بالاستقلال بالرصاص الحى بخلاف الخيرات التي تم نهبها.
فبريطانيا ارتكبت أكبر جريمة عطلت التنمية في المنطقة العربية عندما زرعت الكيان الصهيوني وسطنا وأعطى من لا يملك إلى من لا يستحق أرضًا عربية ليحتلها.
فالعدو الصهيوني أدخلنا في سلسلة حروب أهدرت فيها مقدرات اقتصادية واستشهاد مئات الآلاف من خيرة الشباب. وكانت الأموال التي صرفت على هذه الحروب كفيلة بان تجعل بلادنا في منطقة ثانية من التنمية.
فلقد بنت بريطانيا حضاراتها ورفاهية شعبها على جثث أبنائنا. وحرمتنا لسنوات طويلة من التنمية والتقدم. وزجت بنا في حروب لا مصلحة لنا فيها. واستخدمت أراضينا كقواعد عسكرية لها. وحقول الغام مازالت حتى يومنا هذا تعطل التنمية.
فالحكومة الجزائرية نجحت في الحصول على اعتذارات من قادة فرنسيين. وهي خطوة مهمة في طريق الحصول على اعتذار رسمي من الحكومة الفرنسية. وبالتالي من حق الحكومة الجزائرية أن تطلب تعويضات مالية عن هذه الجرائم وفترة الاحتلال السوداء.
فلو تحركت الدول التي خضعت للاستعمار جماعيا للمطالبة بوضع اتفاق دولي ملزم يجعل دول الاحتلال تدفع تعويضات مالية تستخدم في تمويل خطط التنمية وإسقاط الديون على الدول الفقيرة، وهو عمل يجب أن تتبناه الحكومات والمنظمات الأقليمية مثل الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، كما يجب علينا أن ندعم الشعب الجزائري في معركته ضد المحتل الفرنسي ونتضامن معه حتى تخرج الحكومة الفرنسية ببيان رسمي تعتذر فيه عن جرائمها في الجزائر وتونس والمغرب وكل الدول الأفريقية التي احتلتها ومسحت هويتها الوطنية.