يحاول رجب طيب أردوغان أن يحقق مصالحة شبيهة بالمصالحة مع قطر، بأن يحصل على علاقات كاملة ثم يناقش مسبّبات الخلافات المتراكمة منذ سنوات عدة. وفي الوقت نفسه لا يتحدث عن إعلامه الموجّه ضد بلداننا. ويتجنب الخوض في المسألة الإخوانية التي تعتبر تركيا ملاذها ومقر قيادتها.
في الأيام الأخيرة تابعنا تصريحات صادرة عن كبار المسؤولين الأتراك، تتغزّل بـمصر. وتتبرأ من وقوفها ضد نظامها، وتستدعي التاريخ ليحكم على العلاقات بين البلدين، وتتأمل أن تكون عودة العلاقات معبراً نحو العلاقات مع دول الخليج، خاصة الإمارات والسعودية، وفي الجانب الآخر يبدو أن تركيا وقطر قد أحالتا الهجوم الإعلامي إلى شبكة «عزمي بشارة» اللندنية، من تلفزيون العربي إلى موقع العربي 21 إلى العربي الجديد، والمحطات التي تدّعي الاستقلالية وهي معروفة بتبعيتها الكاملة لهما. فهما مصدر التمويل والتوجيه والإدارة حتى وإن كانت خفيّة، وتتشارك هذه الوسائل الإعلامية في تلقي التعليمات من إسطنبول والدوحة وعزمي. ولم تتوقف لحظة واحدة عن دس السم في المواد التي تقدمها ضد مصر والإمارات والسعودية والبحرين. وهذا التفاف من الدوحة على اتفاقية العلا أو ما يفترض بأنه نتج عنها. ولا نستثني «الجزيرة» التي تختلق قصصاً وروايات كاذبة. ولا تصححها إذا نفتها الدول المعنية، وهذا في العرف المهني المعتمد دولياً تصرّف مخالف للقواعد الأخلاقية ومواثيق الشرف الصحفي.
الإنكار ليس حلاً لما بيننا وبين تركيا، فالصور مازالت عالقة في أذهاننا، ومنتشرة على محركات البحث، خاصة الأصابع الأربعة التي كان أردوغان يصرّ على رفعها في كل مناسبة بعد سقوط الإخوان في مصر وإنهاء انفلات أتباعهم في ميدان «رابعة»، إضافة إلى تصريحاته المسجلة وتطاوله على الدول الأربع، وهذا يدعونا إلى السؤال عن الاعتذار وسحب الكلام السابق، وعودة تركيا إلى شأنها الخاص والتوقّف عن التدخل في شؤون البلاد العربية، وسحب المرتزقة وجنودها من ليبيا وسوريا وشمال العراق، ورفع يدها عن الإخوان علانية وليس قولاً في السر، وبعدها يكون الحديث عن عودة العلاقات إلى طبيعتها.