التحرش، أخطر جريمة على مستقبل الوطن، والعقوبة المشددة حق وحماية للمجتمع، ولكن كيف نصف ونقيد تلك الجريمة الشيطانية.
والتحرش في نظري هو أخطر من كل جرائم النفس التقليدية، ومن هتك العرض وحتى الاغتصاب، التحرش جريمة تحدث كل لحظة ومن كل النوعيات وعلى كل المستويات، وبأساليب شيطانية لا يمكن حصرها.
وهي تبدأ بنظرة خاطفة أو جارحة وكلمة ملونة أو مدمرة أو بسمة ذات مغذى فيها شبهة مجاملة وذوق!!
معظم جرائم التعرض لأنثى يمكن إثباتها بسهولة مع إنتشار الكاميرات والهواتف والتسجيلات وحتى الشهود، إلا جريمة العصر، فتتداخل وتلتبس فيها العلامات والإرهاصات، إلا من إحساس المتحرش بها، التي تشعر بالإرتباك والتوتر من اللفتة والبسمة، ولا تستطيع أن تعبر عن أي سخط أو إستياء .
التحرش يهدد نفسية المتحرش بها ويضغط عليها، ويجعلها عاجزة عن البوح، في انتظار فعل أو قول ينقل لغة التحرش من التلميح إلى التصريح. المتحرش بها تجد نفسها غاضبة ولكنها لا تستطيع البوح، لأن ما وصلها لا يمكن وصفه أو قيدة.
ومواجهة التحرش يحتاج إلى وعى وثقة وقوة وقدرة، وإلى ثقافة وبأس.
التحرش الملتبس والمتدرج يتدحرج على السطح، ولا تفضحه نظرة ولكنه موجود في المصافحة والطبطبة والنكتة وحتى كلمة – لا مؤاخذة- التي تقال قبل إلقاء مزحة سخيفة فيها خدش حياء .
التحرش التقليدي الذي يحدث في المواصلات العامة والدواوين والمكاتب والساحات، رغم أنه يضر النفسية إلا أنه يظل مغلف بسياج من ظلال ومن مخاوف ومن إرتباك وتوتر .
كل وسائل التحرش معروفه ونحسها حتى في المدح الملذق، والترحاب الفج ومن المجاملات المبالغ فيها، ويشعر به المتحرش به. ولكن يظل خطره في عدم المواجهة، وعندما تسأل فتاة، ماذا حدث أثار قلقك، وأزعجك من هذا الشخص فترد عليك «مش عارفة، بس أنا مش مبسوطة، والراجل ده مش مظبوط ».
خطر التحرش في اللبس والكلام الذي بداخله كلام، والذي يصل لإحساس الضحية ولا تستطيع الجهر به. بعكس هتك العرض والاغتصاب. وهذه جرائم سهل قيدها ووصفها، والقانون يتعامل معها فعلا، ولكنها جميعا تبدأ بالتحرش المغلف بملبس حلو المذاق.
الكلام الحلو الذي يرمى بسوء نيه والتلسين على العابرين وحتى « ياه – ويالهوى – وإيه إللى طلع علينا ده » عندما تقال في حضرة فتاة أو سيدة وكل لمحات الخيابة التي تظهر على المتحرش وحتى المجاملة الزائدة عن الحد، ليست كلها حسنة النية .
خطر التحرش في الضيق الذي يمكن أن تشعر به المتحرش بها ولا تستطيع الضجر منه. فالرجل قال كلام حلو ونظر نظرة ذات مغذى وتفسيرها في بطن الشاعر كما يقال.
كيف لفتاة أن تحمي نفسها من مجاملات ومحلسة زميلها أو رئيسها في العمل أو حتى ضغطه وسخافته عليها ؟ وكيف لصبية أن تشكوا من رجل طبطب عليها؟ وكيف لأخرى أن ترفض مجاملة رجل لها ؟
مجتمعنا يعاني من التحرش الطافح كالمرار السائل! وعلينا جميعا أن نواجه التحرش بكل أشكاله المحسوسة والملموسة ونظهر ذلك في أعمالنا الدرامية والتعليمية. خطر التحرش في أنه فعل شيطاني. ولكنه يظهر في صورة ملاك!! ولا أحد في المجتمع يتصور شكوى من ملاك.
ألم أقل إن التحرش أخطر جريمة على نفسية الضحية، فهي الوحيدة التي تكتوي بناره. وتعجز عن وصفه وقيدة حتى يتحول لجريمة لها قرينة ولمس وهتك عرض أو اغتصاب.
ويامسهل
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا