أنهى الرئيس الجدل حول قانون الشهر العقاري أو المادة الخاصة بتسجيل العقارات.. وهدأت العاصفة التي صاحبت تطبيق المادة 35 من قانون الشهر العقارى والذى مررها البرلمان السابق دون تدارسها بصورة وافية.
والمادة في حقيقتها بدلا من أن تبسط الإجراءات الخاصة بتسجيل العقارات وهو أمر مطلوب إلى مادة عقدت الإجراءات. وبها من الإجراءات الكفيلة بأن تجعل المواطنين يكرهون مصلحتهم التي كانت تهدف إليها المادة. وهي تسجيل ما يمتلكونه من عقارات. ومن غموض المادة أن المسئولين عن تطبيقها خرج كل واحد منهم بتفسير مختلف عن الآخر مما جعل الناس في حيرة.
والمادة كالعادة تحمل في طياتها عدة أمور مازالت البيرقراطية في مصر مصرة عليها. وهي أمور عكس ما يقوله المسؤولون في العلن. أنهم مع التحديث «الرقمنة» ونظام الشباك الواحد، وتبسيط الإجراءات، فهي أصرت على أن يقوم المواطن بإنجاز كل المتطلبات اللازمة للتسجيل، ومنها زيارة 7 مكاتب حكومية في 7 وزارت مختلفة بداية من المحكمة ثم الحي ثم الضرائب العقارية ثم المساحة ونقابة المحامين وأخيرًا الشهر العقاري. وكان من المفترض مثل كل مكان في العالم أن يقوم المواطن بتسليم العقد المراد تسجيله إلى شباك واحد. ويعود ويستلمه بعد سداد الرسوم المقررة بعد فترة زمنية محددة بالقانون.
فالحكومة مصرة أن الموظفين لديها لا يتحركون فهم يجلسون في مكاتبهم -إن كانوا فعلا موجودين فيها أصلا – وأن المواطن لابد أن يترك أعماله ويلف ويدور على المكاتب ويقف في طوابير طويلة حتى يأتي دوره. وغالبا ينتهي اليوم ولا يصل إلى مبتغاه، فيعود ثاني يوم وهو ما يخل بعمله أيضا وبالتالي تتعطل مصالح الناس في مكان عمله أي أن الضرر يكون مزدوجًا.
والأهم أن الحكومة مازالت تتعامل مع المواطن على أنه مزور ويأكل مال الغير. وبالتالي عليه أن يثبت أنه مواطن شريف وأن العقد الذي بين يديه سليم ولم يسطو على العقار أو الشقة المراد تسجيلها. فالمواطن في نظر الحكومة متهم دائما وعليه إثبات براءته وهي قاعدة في كل القوانين التي وضعت في العقود السبعة الأخيرة من عمر مصر. فالمواطن في نظر الحكومة محل شك دائمًا.
فقضية تسجيل العقارات في مصر قضية عادلة ومهمة وأن تكون لدى الدولة قاعدة بيانات بعدد الوحدات السكنية والعقارات الموجودة بها سواء العقارات التي بنيت برخص بناء سليما أو تلك التي تم إنشاؤها في غفلة من الزمن أو بواسطة الفساد المنتشر في المحليات. وخاصة التعليات التي تتم في نهاية كل أسبوع وفي العطلات الرسمية.
فإن البيانات أساس مهم لتنمية أي دولة وعلى ضوئها يتم تحديد الأولويات والاحتياجات الحقيقية لها. وبالتالي وضع خطط تنموية وفق معلومات حقيقية وتحديد أهداف واقعية وبالتالي تكون التكلفة محددة سلفًا.
فكل مبادرات الدولة في الفترة الأخيرة تهدف إلى تحديث البيانات والمعلومات الخاصة بمصر كلها. وعلى رأسها مبادرة 100 مليون صحة التي في حالة استمرارها سيكون في مصر لأول مرة في تاريخها خريطة صحية.. وكذلك مبادرة التصالح في مخالفات البناء وتهدف إلى رصد ومعرفة حجم هذه المباني وتحويلها من مبان مخالفة للقانون إلى مبان شرعية.
فهي مبادرات تحتاجها أي دولة تريد الحداثة وتريد التنمية المستدامة المتسارعة أي تحقيق قفزات تنموية. ولكن يجب أن تتم في إطار تسهيل الإجراءات على المواطنين حتى يشارك بقوة وحماس. في تحقيق الهدف السامي وهو بناء مصر الحديثة .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا