محمد يوسف يكتب: بيضة الديك
أثاروا الغبار فارتدّ عليهم، فإذا لم يتأكدوا بعد، فإن غداً لناظره لقريب. وسيعرفون أنهم ارتكبوا فعلاً شائناً أساء إليهم قبل أن يسيء إلى السعودية.
إنهم يتراجعون بعد عاصفة الاستنكار التي واجهتهم في الداخل والخارج، كل واحد أصبح يعزف لحناً بأسلوبه، عساه يسد ثغرة من الثغرات التي انفتحت نتيجة خوضهم في مسألة ليست من اختصاصهم، ولا ترتبط بهم من قريب أو بعيد، وكانت قد طُويت منذ زمن، ونال المخطئ جزاءه بقوة القانون وما يفرضه الحق، دون مجاملة أو مواربة، ودون إنكار عندما علمت حكومة المملكة وقيادتها بما حصل في إسطنبول، وما حسمه القضاء في الدولة المعنية لا يحق لأحد حتى وإن كان رئيس الدولة العظمى أن ينبش ماضياً قد مضى.
المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، قال يوم الاثنين: «إدارة بايدن تهدف للتوصل إلى شراكة مسؤولة مع السعودية»، وآخرون غيره في الخارجية والبنتاغون يؤكدون ارتباط مصلحة الولايات المتحدة بسلامة السعودية واستقرارها، ومثل هذا الكلام المغلّف بالعسل بعد التصريحات المغموسة في السم طوال يومي الجمعة والسبت، يعتبر مؤشراً على تراجع مدروس وممنهج من الإدارة الأمريكية، بعد أن اقتنعت بأنها أطلقت «فقاعة خاوية» في الهواء ولم تصمد طويلاً.
فكان التراجع إلى الوراء رغم استمرار استخدام عبارات «مطاطة» تحفظ ماء الوجه، مثل: «سنستمر في مراقبة قضايا حقوق الإنسان بالسعودية» أو «سندرج أسماء المتورطين في حادثة خاشقجي بالقائمة السوداء»، وبعض العبارات التي تضفي على موقفهم شيئاً من النهج الأمريكي القائم على الغرور الناتج عن «الكبرياء المتورمة».
نحن نعرف مكانة السعودية وثقلها العالمي. لهذا لم نخف عليها من تقرير جعلوه مثل «بيضة الديك». تلك التي لم يرها أحد رغم كثرة الحديث عنها. فإذا بالتقرير يتخيل قصصاً ويقنع نفسه بها. تماماً كما كنّا نتوهّم أن الديك يمكن أن يبيض أو محاولاتنا للإمساك بفقاعات زبد البحر عندما كنّا صغاراً.