اكتشفت عالمة متخصصة في الآثار المصرية والمصريات طريقة التحنيط القديمة التي اتبعها الفراعنة والمصريين القدماء، والتي حيرت العلماء لعقود، بسبب تميزها وقدرتها على حفظ الأجساد لفترات طويلة جدا.
قامت عالمة المصريات في جامعة كوبنهاغن الدنمركية، صوفي شيت، بإعادة بناء عملية التحنيط المستخدمة في إعداد المصريين القدماء للحياة الآخرى، استنادا إلى دليل تم اكتشافه مؤخرا في بردية مصرية طبية عمرها 3500 عام، في اكتشاف اعتبر أقدم دليل على التحنيط تم اكتشافه حتى الآن.
اعتبر التحنيط في مصر القديمة فنا مقدسا، وكانت معرفة هذه العملية حكرا على عدد قليل جدا من الأفراد. ويعتقد علماء المصريات أن معظم أسرار هذا الفن انتقل شفهيا من محنط إلى آخر، لذا فإن الأدلة المكتوبة حول الطريقة نادرة جدا؛ حتى ظهور وتحديد نصين فقط تحدثا عن التحنيط.
وفوجئ علماء المصريات بالعثور على دليل موجز عن التحنيط في نص طبي يهتم بشكل أساسي بالأدوية العشبية وتورمات الجلد، حيث تم تحرير وإعادة صياغة هذا الدليل مؤخرًا بواسطة عالمة المصريات بجامعة كوبنهاغن، صوفي شيدت.
وتقول العالمة في تصريحات نقلتها مجلة«eurekaler » العلمية المتخصصة: «تم ترك العديد من الأوصاف لتقنيات التحنيط التي نجدها في هذه البردية موجهة للمحنطين اللاحقين»، وفقا لوكالة سبوتنيك.
المخطوطات موجهة لأصحاب الاختصاص
ونوهت العالمة إلى أن أوصاف طريقة التحنيط مفصلة للغاية في البردية الطبية، وأن النص مخصص فقط لتذكير العاملين المتخصصين في عملية التحنيط: «لذلك يجب أن يكون القراء المقصودون متخصصين ويحتاجون إلى تذكيرهم بهذه التفاصيل، مثل الوصفات غير الواضحة واستخدامات أنواع مختلفة من الضمادات. بالإضافة إلى بعض العمليات الأبسط»، على سبيل المثال توضح صوفي شيدت أن تجفيف الجسم بالنترون قد تم حذفه من النص.
Scientists have found an ancient Egyptian instruction manual for embalming the faces of the dead. The manual was found within a 3,500-year-old medical manuscript known as the Papyrus Louvre-Carlsberg. pic.twitter.com/hFwb0wvPsB
— Health Life Happiness PhD (@HealthLifeHappi) February 28, 2021
تحنيط وجه الميت اكتشاف جديد
وتضيف العالمة: «من المعلومات الجديدة المثيرة التي يزودنا بها النص تتعلق بإجراءات تحنيط وجه الميت. نحصل على قائمة مكونات علاج يتكون بشكل كبير من مواد عطرية نباتية ومواد رابطة يتم طهيها في سائل، حيث يقوم المحنطون بتغطية قطعة من الكتان الأحمر، ثم يتم وضع الكتان الأحمر على وجه المتوفى من أجل تغليفه في شرنقة واقية من مادة عطرية ومضادة للبكتيريا، ويتم تكرار هذه العملية لمدة أربعة أيام من عملية التحنيط».
وعلى الرغم من أن هذا الإجراء لم يتم طرحه من قبل، إلا أن الفحوصات التي أجرها علماء الأثار في مصر على العديد من المومياوات من نفس فترة هذا الدليل وكانت وجوهها مغطاة بالقماش والراتنج، حيث اعتبرت العالمة أن هذا الإجراء يتناسب جيدًا مع إجراء الكتان الأحمر الموصوف في هذه المخطوطة.
طقوس احتفالية مقسمة لـ4 مراحل
تكمن أهمية دليل بردية «اللوفر – كارلسبرغ» في إعادة بناء عملية التحنيط، حيث حدد العملية بأربعة أقسام رئيسية تمثل كل منها فترة زمنية محددة، كل فترة تستمر لأربعة أيام. حيث يعمل المحنطون بنشاط على المومياء كل أربعة أيام.
وتشير العالمة إلى وجود مواكب من الطقوس الاحتفالية. حيث تشهد هذه الأيام احتفالات بمناسبة استعادة السلامة الجسدية للمتوفى، ويبلغ عدد المواكب الاحتفالية 17 موكباً خلال فترة التحنيط. وفي الفترات الفاصلة بين الأيام الأربعة، كان الجسم يغطى بقطعة قماش وطبقة من القش الممزوج بالعطريات لإبعاد الحشرات.
La investigación se ha centrado en el papiro Louvre-Carlsberg, llamado así porque una parte pertenece al museo francés y la otra a la Colección de Papiros Carlsberg de la Universidad de Copenhague#ElNuevoDiarioRD
— El Nuevo Diario (@elnuevodiariord) February 26, 2021
عملية التحنيط تتم على مرحلتين
تتم عملية التحنيط ضمن ورشة خاصة تقام خصيصا لهذا العمل بجانب القبر. وتستمر لـ70 يوم، تقسم إلى فترتين أساسيتين. فترة تجفيف لمدة 35 يومًا وفترة تغليف لمدة 35 يومًا.
خلال فترة التجفيف، يعالج الجسم بالنطرون الجاف من الداخل والخارج. ويبدأ علاج الجسد بالنطرون في اليوم الرابع من التحنيط بعد تنقية الجسم وإزالة الأعضاء والدماغ والعيون. وخصصت فترة الـ 35 يوما الثانية لتغليف المتوفى بالضمادات والمواد العطرية.
لماذا أطلق على «اللوفر كارلسبرغ» هذا الاسم
المخطوطة التي كانت العالمة، صوفي شيت. تعمل عليها لسنوات في أطروحة الدكتوراه الخاصة بها تحت عنوان «العلوم الطبية في مصر القديمة: ترجمة وتفسير لبردي اللوفر – كارلسبرغ». سميت بهذا الاسم لأن نصف البردية موجود في متحف اللوفر بباريس والنصف الآخر من البردية موجود في كارلسبرغ بجامعة كوبنهاغن.
وكانت البردية، بحسب المصدر، في الأصل مملوكة لجامعين خاصين، ولا تزال عدة أقسام منها مفقودة.
واستنادًا إلى علم الباليوغرافيا. يرجع تاريخ البردية التي يبلغ طولها ستة أمتار إلى عام 1450 قبل الميلاد تقريبًا. مما يعني أنها تسبق المثالين الآخرين الوحيدين لنصوص التحنيط بأكثر من ألف عام.
ومن المقرر نشر الدراسة حول تحليل مضمون البردية في عام 2022 كتعاون بين متحف «اللوفر» ومجموعة البردي «كارلسبرغ».
نون – وكالات