كنت سأكتب مقال اليوم عن تقرير الاستخبارات الأمريكية حول حادثة جمال خاشقجي، ولكنني غيّرت رأيي، تجنباً لاستخدام عبارات شديدة اللهجة ضد إدارة جو بايدن، الرجل الذي عكس أصول اللعبة السياسية، وغيّر من نهج السلطة والتسلّط والاستفزاز والتنمّر، وعكس المفاهيم، فمدّ يد الصلح إلى من يعادونه ويترصّدونه، ولهم تاريخ في العمل ضد مصالح بلاده، ومنح البراءة للحوثيين. ورفعهم من قائمة الإرهاب، ولم يقل كلمة حول حشدهم لاقتحام مأرب والجوف.
وفي نفس الوقت، يدير ظهره لمن يقف معه، يحوله إلى خصم، ويضعه في جدول المراجعات، ويترك المساعدين يتحدثون بالسلب والإيجاب تجاه السعودية، ويجعل من اتصاله بقادة الدول مقياساً للرضا وعدمه!
أقول لكم، وجدت نفسي في غنى عن العصبيّة والتوتر. فلو كتبت عن الرئيس واختراعاته في فنون العلاقات الدولية. سأقول كلاماً لا يجوز أن يقال في حق رجل بلغ «من العمر عتياً»، فالذي يقوم به، لا يصنّف في العلوم الحديثة ضمن ما نعرف من تخصصات، وأقصى ما يمكن أن تدرج خلاله. هو جدول «التخريفات»، أو ما يسمى «التخرّصات»، ولن أقول «التخبيصات»، احتراماً لما يمثله من قيمة، وهو سيد البيت الأبيض.
رغم أن البيت الأبيض نفسه، هو السبب في كل ما أصاب بايدن، فالرجل كان يحلم بأن يكون «رقم واحد» طوال السنوات الثماني التي قضاها في الظل، عندما كان نائباً لأوباما، وأربع سنوات، وهو يرى ترامب يفعل ما يحلو له، رغم قناعته وحزبه، بأنه لا يصلح لإدارة أقوى وأعظم دولة في العالم، وقد تحقق الحلم، ومعه تورّمت كل الأجزاء القابلة للتورّم عند بايدن، وأراد أن يطبع بصمته على جدار ذلك البيت العريق.
كنت أريد أن أقول أشياء كثيرة، وكتبت بعض السطور، ثم توقّفت. ومزّقت الورقة، وقرّرت أن أكون أكثر عقلانية. من رجل يظن أنه يحكم العالم، وأن مجرد حديثه للقادة والملوك. يعتبر «صك غفران»، يقيّم به كل شخص. حسب أولوية الاتصال ومدته وملخصه، الذي يتهم البعض. ويبرئ البعض الآخر، وخيراً فعلت، فهو لا يستحق أن نخوض في مستنقعات يصنعها، وقد يكون هو أول العالقين في وحلها.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا