في مثل هذا اليوم من عام 1991، تحرّرت الكويت، وكان الثمن غالياً، ثمن الغزو وثمن التحرير، والنصيب الأكبر دفعه العراق، وبقي صدّام حسين رئيساً، واستمر يمارس بطشه وديكتاتوريته ضد شعبه، رغم الحصار العسكري الاقتصادي المفروض عليه، حتى انقطع الغذاء والدواء، وتدخلت الأمم المتحدة، لتوفير الحد الأدنى من الاحتياجات من الأرصدة العراقية المحجوزة من صفقات بيع النفط.
حاولت الأمة أن تجمع ما انفرط. بعد أن هدأت الأمور، ولكن الجراح كانت عميقة. فاحتجنا إلى سنوات طويلة حتى تجاوزناها. وإذا أردنا أن نكون أكثر وضوحاً، أقول لكم. حتى استطعنا أن نرمي تلك المأساة خلفنا. ونتسامح، فبدأت مراحل من ترميم العلاقات. مع الحذر، وعدم الثقة، والتخوّف من الخيانات والمؤامرات. فمن لُدغوا مرّة، لن يُلدغوا مرة ثانية. فكان التوجس، وكانت العودة إلى الانكماش العربي، فكل دولة انشغلت بهمومها، واختارت الطريق الذي تسلكه.
رغد صدام حسين لم تتحدث عن 12 سنة، هي الفاصلة ما بين حرب تحرير الكويت و«غزو العراق»، وما تحدثت عنه، شابته الضبابية وكثير من البتر، فقد كان أهم حدث، هو هروبها مع أختها وزوجيهما إلى الأردن، تناست الأسباب متعمّدة، وتجاوزت التفاصيل، حتى لا تقول الحقيقة، فالحقيقة مرّة بمرارة العلقم، وهي معذورة في بعض ما ذهبت إليه، لأنها تجرعت العلقم من كؤوس الأب والزوج والإخوان مجتمعين، وعاشت لحظات حسرة عليهم وهم يتساقطون، تسقطهم رصاصات صديقة أو عدوّة، فالأمر سيّان، لأن النتيجة واحدة، ويغبطها الواحد منّا، عندما يراها متماسكة بعد كل ما مرّت به.
كل ما كتبناه في هذا المكان، كان الهدف منه تصحيح المفاهيم التي قلبت رأساً على عقب. وقبل أن نختم، نقدّم نصيحة لابنة صدام، ونقول لها، تجنّبي فكرة «المذكرات»، التي ترددت مؤخراً، فأنتِ عاجزة عن ذكر الأحداث بتجرد، لأنها تمسّك كيف ما تناولتها، واحذري من الذين ينادونك في السر للعودة إلى العراق، فأنتِ تعرفين مصير من يعودون إلى العراق!!
تحية للكويت في يومها الوطني وذكرى تحريرها.