لا يقبل العقل أبدا أن يغفل عن قضية السد الإثيوبي المهدد لوجود مصر و السودان، وتتلاحق الأحداث علي جبهة الحرب بين السودان و إثيوبيا حيث يدافع الجيش السوداني البطل عن أراضيه و عن حدوده و عن مواطنيه ضد الاعتداءات الإثيوبية اليومية. و يرد الصاع صاعين و يحرر المزيد من أرضه المحتلة منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما. ويطارد عصابات الشفته المسلحة التي جعلها النظام الإثيوبي سيفا مسلطا علي رقاب المزارعين السودانيين. يقتلهم و يروعهم و يستولي علي أراضيهم المزروعة. و يخطف من يشاء منهم و يطلق سراحهم بعد دفع الفدية.
ووسط كل تلك الأحداث يدفع إخوان السودان بعناصرهم للثورة علي الحكومة الحالية للسودان و إشعال الداخل السوداني و نهب المتاجر و تحطيم الإدارات الحكومية كوسيلة لإرباك الحكومة للتراجع عن تحرير الأرض السودانية. في الفشقة الصغري و الكبري التي تدور رحاها حاليا. وأطلقوا حملة إعلامية مسمومة ممنهجة وبكل وسائل التواصل الاجتماعي و الفضائيات للفتنة بين مصر و السودان لبث الكراهية بين الشعبين المرتبطين بمصير واحد منذ ألاف السنين .
ورغم أن الخطاب الإثيوبي يتميز بالبجاحة و كأن إثيوبيا الممزقة أصبحت دولة عظمي و تشترط علي السودان الانسحاب من الأراضي السودانية المحررة قبل بدء التفاوض إلا أن دعم الإخوان لهم وتنسيق الجهود مع النظام الإثيوبي واضح وله تأثيره على أرض الواقع. و اتجه أخيرا للارتماء في حضن أردوغان تركيا وطلب وساطتهم رغم رفضه كل الوساطات التي حاولت التدخل من قبل سواء من الاتحاد الإفريقي أو الاتحاد الأوروبي و نسي أن تركيا تبذل كل الجهود لعودة العلاقات مع السودان إلى سابق عهدها وقت حكم البشير. و أنها تعلم الموقف العدائي الإثيوبي ضد مصر. وللأتراك ملفات غاية في الأهمية مع مصر و على رأسها الملف الليبي. و ملف غاز شرق المتوسط و التي تحتاج للتعاون مع مصر فيهم .
مازالت إثيوبيا تدعي أن هناك نزاع حدودي بينها و بين السودان. وترفض الاعتراف باتفاقية 1902 و التي حددت بشكل قاطع الحدود بين الدولتين. ووضعت العلامات بعدها بسنة واحدة. و لكن القوات الإثيوبية استغلت الحروب السودانية الداخلية. التي أدت لانفصال جنوب السودان عن شماله و نزعت العلامات حتى يصبح احتلالها للأراضي السودان بالأمر الواقع.
و مازال السودان صامدا منتصرا مستردا لأرضه في مواجهة التمدد الإثيوبي. و أصبح خطابه واضحا لا يحتمل التأويل سواء في حقوقه في أراضيه أو رفضه للسد الإثيوبي. وأعلن أنه تهديد للأمن القومي السوداني و قد دعمته جامعة الدول العربية ببيان دعم لها في الصراع بينها و بين إثيوبيا.
ولكن السودان يحتاج ونحن أيضا في حاجة لإعلام قوي. يوضح للعالم كله المجازر التي يقوم بها النظام الإثيوبي ضد مواطنيه في أقليم التيجراي. وتهجير أهل الأقليم ومنع المساعدات الدولية للمشردين منهم و استمرار عمليات السلب و النهب لممتلكاتهم و تدمير البنية التحتية. وذلك ليري العالم كله الوجه القبيح للحائز على جائزة نوبل للسلام. والذي ترك الحرية المطلقة لعرقية الأمهرة لقيادة إثيوبيا إلى التفتت. ولعل إقليم بني شنقول قد اقترب من ملاقاة نفس مصير إقليم التيجراي ويعاني أشد المعاناة حاليا. و للأسف كل هذه الممارسات لا تلقى الاهتمام الإعلامي الكافي من كل وكالات الأنباء العالمية و كأن منظمات حقوق الإنسان و أجهزتها وإعلامها لا علاقة لها بما يحدث في إثيوبيا وعلى الحدود السودانية معها. كما أننا لابد أن نتصدي إعلاميا لمحاولات الفتنة والوقيعة بين شعبي مصر و السودان و هي محاولات خبيثة مستمرة علي مدار الساعة. و لدينا خبراء لديهم مهارات و كفاءات بخبرات أفريقية محترمة للرد علي هذه الحملات. ولكنها تحتاج لقرار مصري محسوب للبدء فيها .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية