لا شك أن مصر تتغير بسرعة وبعمق، وأمامنا نهضة في مجالات عدة. لعل أبرزها الثورة التي تحدث في البنية الأساسية وعلى رأسها شبكة الطرق والكبارى الحديثة، ومدن الجيل الرابع التي تضم العاصمة الإدارية الجديدة التي تعيد إلى القاهرة شبابها.
والأهم أن مدن الجيل الرابع تفتح آفاقاً جديدة للتنمية في مناطق كثيرة كانت حتى سنوات قليلة مجرد صحراء جرداء. في وقت ظل الشعب المصري بتعداده الذي وصل إلى مائة مليون. يعاني من الضغوط في القاهرة والدلتا والوادي الضيق بالصعيد منذ عقود. وبالتأكيد هذه النهضة العمرانية هي الأكبر في تاريخ مصر منذ عصر محمد علي.
وإذا كانت الثورة العمرانية الحالية تساهم بشكل كبير في توفير فرص للعمالة أمام الشباب في مهن كثيرة ومتعددة، فإنها في ذات الوقت كانت أحد الأسباب التي جنبت مصر الركود الاقتصادي التي عانت منه دول كثيرة بسبب جائحة كورونا.
على جانب آخر أطلقت مصر مشروعها القومي لتطوير الريف المصري خلال السنوات الثلاث المقبلة بتكلفة 500 مليار جنيه لرفع مستوى المعيشة لنصف سكان مصر يقطنون الريف سواء في الخدمات الصحية أو التعليمية والطرق ومياه الشرب والصرف الصحي وغيرها من الخدمات التي يحتاجها الريف.
وفي اعتقادي أن إطلاق هذا المشروع يمثل أهم معايير ترسيخ العدالة الاجتماعية بين المصريين على شتى مستوياتهم، وحتى تكون النهضة شاملة للمجتمع المصري بكل مكوناته وفئاته، وهو أمر يعيد إلى الريف المصري استقراره وحيويته والعودة للإنتاج بعد أن تم تهميشه لعشرات السنين بسبب غياب الخدمات. وتحوله إلى أماكن طرد لأبنائه والهجرة إلى القاهرة وعدد من المدن الكبرى. وكان سبباً في الضغط عليها وزيادة مشاكلها. ولعل أهمها انتشار البؤر العشوائية التي كلفت ميزانية الدولة مئات المليارات.
يبقى المشروع الأهم لمصر في مشوار النهضة الشاملة الذي تخوضه الآن، وهو ضرورة قيام ثورة صناعية على أرض مصر في كل مكان، وعلى غرار ما حدث في الصين وغيرها من الدول ذات الكثافة السكانية وتتمتع بأيدٍ عاملة كبيرة.. وهو مشروع لا يمكن تحقيقه من خلال وزارة الصناعة، وإنما يجب أن يكون مشروعًا قوميًا مصريًا برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي. وله هيئة تنفيذية من الوزارات المعنية. بحيث تكون هناك مناطق لورش صناعية في الريف للصناعات متناهية الصغر. وذلك في إطار المشروع القومي لتطوير القرى وفتح مجال أمام الأيدي العاملة بها. على أن تكون التجمعات الصناعية للصناعات الصغيرة في المراكز. بحيث تصبح كل الأقاليم مناطق منتجة لتغطية السوق المحلي. والتحول نحو التصدير إلى السوق العربية والإفريقية التي تشكل ظهيرًا وسوقًا واعدة للمنتجات المصرية. وكلنا يعلم أنها أهم سوق الآن تتصارع عليه الدول الصناعية الكبرى.
وفي اعتقادي أن قيام ثورة صناعية في مصر هو المشروع الذي ينقل مصر والمواطن المصري إلى مرحلة الانتعاش الاقتصادي ويحقق مشروع النهضة الشاملة وبناء الدولة الوطنية الحديثة الذي يجب أن يدعمه ويشارك فيه الجميع.
حمى الله مصر من كل سوء.
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية