احتفل العالم يوم الخميس 4 فبراير بوثيقة الأخوة الإنسانية والتي أصدرها الأزهر الشريف والكنيسة الكاثوليكية برعاية من دولة الإمارات العربية المتحدة. وهي الوثيقة التي تعد محطة مهمة في تاريخ تحويل مبدأ التسامح إلى واقع عملي على الأرض. واعتراف الأمم المتحدة بهذه الوثيقة وتحديد يوم عالمي لها يؤكد متانة وقوة المؤسسات الدينية في العالم وزادت قوتها بانضمام فئات أخرى إليها.
وعندما تطالع الوثيقة ستجد أن الهدف منها أن يعيش العالم في سلام وأن يسود التسامح. وأن يعمل الجميع على أنها النزاعات المسلحة والتمييز العنصري والتطرف والإرهاب والقضاء على المرض والجهل والفقر في العالم.
ومن أبرز ما جاء في الوثيقة والتي تعد إعلانا جديدا لحقوق الإنسان هذه الفقرة ونصها: «أنَّ الحريَّةَ حَقٌّ لكُلِّ إنسانٍ. اعتقادًا وفكرًا وتعبيرًا ومُمارَسةً. وأنَّ التَّعدُّدِيَّةَ والاختلافَ في الدِّينِ واللَّوْنِ والجِنسِ والعِرْقِ واللُّغةِ حِكمةٌ لمَشِيئةٍ إلهيَّةٍ. قد خَلَقَ الله البشَرَ عليها. وجعَلَها أصلًا ثابتًا تَتَفرَّعُ عنة حُقُوقُ حُريَّةِ الاعتقادِ. وحريَّةِ الاختلافِ. وتجريمِ إكراة الناسِ على دِينٍ بعَيْنِة أو ثقافةٍ مُحدَّدةٍ. أو فَرْضِ أسلوبٍ حضاريٍّ لا يَقبَلُه الآخَر».
وهي أشبه بما في كل مواثيق حقوق الإنسان منذ شكاوى الفلاح الفصيح مرورا بقوانين ماعت وحتى قوانين حمورابي حتى إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والشرعة الدولية بكل اتفاقيتها. وأكد هذا المعنى ماتلي هذه الفقرة من فقرتين مهمتين من وجة نظري وهما:
– أنَّ العدلَ القائمَ على الرحمةِ هو السبيلُ الواجبُ اتِّباعُه للوُصولِ إلى حياةٍ كريمةٍ. يحقُّ لكُلِّ إنسانٍ أن يَحْيَا فى كَنَفِه.
– أنَّ الحوارَ والتفاهُمَ ونشرَ ثقافةِ التسامُحِ وقَبُولِ الآخَرِ والتعايُشِ بين الناسِ. من شأنِه أن يُسهِمَ في احتواءِ كثيرٍ من المشكلاتِ الاجتماعيَّة. والسياسيَّة والاقتصاديَّة والبيئيَّة التي تُحاصِرُ جُزءًا كبيرًا من البَشَرِ.
فالوثيقة تؤكد أن الحرية أصل في الإنسان لا يجوز تقييدها إلا بقيد وحيد مقبول. هو الاعتداء على حرية الأخرين. فالإنسان حر إذ لم يضر والوثيقة. أكدت هذا المعني في كل فقرة من فقراتها. فحرية الاختلاف حتى في الأديان مهمة. وجزء أساسي من مكون الوثيقة. فهي خير رد على من ينصب نفسه وصي على المجتمع. ويعين نفسه حام للأخلاق والقيم ويطارد كل من يقول رأيًا لا يعجبه.
والوثيقة بالدعم الحكومي على المستوى الدولي ممثلة في الأمم المتحدة التي احتفلت بها. فقد حان موعد أن تتحول هذه إلى اتفاقية ملزمة للكافة وأن تكون جزءا اساسيا من منظومة القانون الدولي لحقوق الإنسان، طالما أن كل الأديان السماوية والوضعية وافقت عليها وأقرتها لا يبقى إلا أن تبادر الحكومات إلى إقرارها كاتفاقية دولية ملزمة.
ويبقى أمام الدولة الراعية وهي الإمارات والأزهر الشريف والكنيسة الكاثوليكية والكنيسة المصرية. التحرك بتشكيل فريق قانوني يحول الوثيقة إلى مواد قانونية. وأن يدور حولها حوار مدني واسع في مختلف دول العالم. وتتبنى حكومتا مصر والإمارات تقديمها إلى الأمم المتحدة. لتتخذ الإجراءات الخاصة بإقرارها كاتفاقية دولية. ملزمة لكل من يصدق عليها بأن يحترمها ويطبقها ويعتبرها قانونا داخليا.
فالوثيقة أعادت قيما كانت غائبة عن الساحة العالمية ومنها قيم الحوار والتفاهم. والتسامح والقيمة الأهم الحرية بمفهومها الواسع. فتحية إلى كل من شارك فيها وتحية لكل من دعمها. ونتمنى أن نرى في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. في نهاية العام الحالي اعتماد قرار اسمه اتفاقية الأخوة الإنسانية .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية