أشار خبراء عسكريون إلى أن شراء مصر لحاملتي الطائرات الفرنسية “ميسترال” من شأنه إثارة تساؤلات حول الأسباب الدافعة لتعزيز قدرات الجيش المصري بهذه الأنواع من الأسلحة القتالية المتطورة، عازين ذلك إلى أنها تسعى لتصبح قوة إقليمية معتمدةً على جيش كبير، بعد شرائها طائرات رافال والفرقاطة من طراز فريم.
ومنذ مجيء الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، يسعى الجيش المصري إلى تسليح نفسه بأحدث أنواع المقاتلات البحرية والجوية والأرضية بعيداً عن التبعية الأمريكية، وعودةً إلى نهجها في حرب أكتوبر 1973 بالتنوع في مصادر التسليح.
المحلل السياسي الدكتور خيري عمر يقول إن مصر تسعى لتصبح قوة إقليمية، إلا أنه تساءل عن مدى إمكانيتها لتحقيق هذا الأمر؟
ويضيف إن “هذا الأمر يتوقف على نتائج الأزمات الحالية في المنطقة”، نافياً في الوقت ذاته “احتمال تمويل دول لتسليح دول أخرى” مستنداً إلى “حقوق الملكية وشروط الاستخدام، وهما من ضوابط تجارة السلاح الدولية”.
– قوة إقليمية بتسليح متنوع
موقع “Air et Cosmos” الفرنسي المتخصص في شؤون الطيران والدفاع أشار في تقرير له، إلى أن “مصر صارت القوة الإقليمية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط بعدد من صفقات السلاح الفرنسية، خصوصاً التي طورت بها إمكانياتها العسكرية البحرية والجوية، وفي ظل التعاون المشترك مع فرنسا التي صارت شريكاً مميزاً من قِبل الرئيس عبد الفتاح السيسي”، حسب وصف الموقع.
وأضاف أن “مصر تمتلك جيشاً قوياً وعصرياً”، مشيراً إلى أن “الدولة المصرية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، تسعى إلى إعادة تسليح نفسها بشكل سريع وقوي”، وأن “القاهرة تمتلك قوة إقليمية غاية في القوة، خاصة بعد استحواذها على حاملتي المروحيات العسكرية (ميسترال)، إثر إلغاء الصفقة مع موسكو”.
– بُعد إقليمي وليس محلياً
خبراء أكدوا على أن مصر ليست بحاجة إلى هذه القدرات العسكرية على المستوى المحلي، وإنما تسعى لتعزيز قدراتها لحماية دول الجوار والمنطقة العربية.
وفي السياق، أكد الموقع الفرنسي المتخصص في شؤون الطيران والدفاع المشترك ما ذهب إليه الخبراء، عقب شرائها الحاملتي ميسترال، قائلاً: “لا بد من وضع قوة مصر الإقليمية في الاعتبار، لأن هناك حاجة لوجودها، خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار التي تسببت فيها التنظيمات الإرهابية”.
ويقول اللواء والخبير العسكري طلعت حماد، في تصريح خاص لـ”الخليج أونلاين”: إن “مصر بالتأكيد بحاجة لهذه الأنواع من الأسلحة المختلفة، لأنها ترى أن أي تهديد لدول الجوار، هو بمثابة تهديد لها، وأن التسليح له بعد إقليمي وليس محلياً فقط”.
– من الممول؟
نقلت صحيفة “لوموند” الفرنسية عن مصدر رسمي فرنسي، لم تُسَمِّهِ، قوله: “إن مصر والسعودية تريدان شراء قطعتين ميسترال”، مضيفاً أن الملك سلمان بن عبد العزيز يريد بناء أسطول في مصر، يمكن أن يكون نواة لقوة إقليمية بحرية في البحرين الأحمر والمتوسط.
ويضيف حماد أن “مصر تتعامل في تمويل الأسلحة من الخارج تحت ما يُسمى “القدرة الشاملة”، عبر العلاقات مع الدول الأخرى، واستعداد تلك الدول لتمويل هذه الصفقات، وهذا كله يعتمد على ما يطلبه توفير الأمن في المنطقة”.
اللواء والخبير الاستراتيجي قال “إن مصر تستطيع تدبير جزء من ثمن تلك الصفقات، بالإضافة إلى الاعتماد على دول الجوار من الأصدقاء أو بالتفاوض مع البائع”.
وكان مصدر حكومي فرنسي ذكر أن السعودية ستشارك في تمويل شراء السفينتين، مؤكداً أن “التمويل السعودي سيكون كبيراً”.
– التسليح والهروب من التبعية
خبراء أكدوا على أن مصر سعت منذ حرب أكتوبر 1973، إلى التنويع في التسليح، غير أن الفترة الأخيرة شهدت اعتماداً كبيراً على الجانب الأمريكي، الذي يسمح بالتدخل في القرارات السياسية بمصر، ومن ثم عاودت مرة أخرى إلى التنوع.
موقع “ديفينس نيوز” الأمريكي المتخصص في الشؤون العسكرية، يؤكد على ذلك بقوله: “إن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تتحدى الولايات المتحدة بتعاونها العسكري مع فرنسا بعد صفقاتها العسكرية التي أبرمتها لشراء السلاح”.
وذكر أن هذه الخطوة من جانب مصر تؤكد نهجها الرامي لتقليل الاعتماد على المعدات العسكرية الدفاعية الأمريكية، وفقاً لخبراء بالشرق الأوسط.
بدوره، قال جيرالد شتاينبرج المحلل الاستراتيجي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية: “إن أحد الجوانب الجديرة بالذكر بصفقة ميسترال، هي الخطوات الملموسة التي اتخذها نظام السيسي للتنويع بعيداً عن مصدر التسليح التقليدي المتمثل في الإمدادات الأمريكية”.
وحول ميسترال، يقول اللواء محمد عبد الله الشهاوي، مستشار عسكري ومحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية: “إن انضمام ميسترال للجيش المصري، يسهم في القضاء على الإرهاب بشكل كبير، حيث ستكون البحرية قادرة على استخدامها للتعامل مع الأهداف الساحلية بسرعة عالية وسوف تزيد من عدد الخيارات البحرية لاستخدامها في المعركة”.
حاملة الطائرات المروحية ميسترال، تعتبر من أقوى وأهم الأسلحة في القوات البحرية المصرية، إذ يبلغ طولها يبلغ 199 متراً وعرضها 32 متراً، كما تستطيع بحمولتها البالغة 22 ألف طن، حمل 16 طائرة مروحية و700 جندي ونحو 50 عربة مدرعة. ويمكن تسليح حاملة الطائرات ميسترال، التي تبلغ سرعتها القصوى 35 كم في الساعة، بمنظومة صاروخية للدفاع الجوي ورشاش عيار 12.7 ملم، كما أنها مزودة بثلاثة رادارات، الأول ملاحي والثاني جو أرض والثالث للهبوط على سطح السفينة.
– التمساح بعد ميسترال
الطموح المصري ماضٍ في تحقيق أهدافه، حإذ تسعى بعد عقد صفقة ميسترال، إلى نوع جديد بشرائها 50 مروحية من طراز كا-52، الهجومية المتطورة من روسيا، وفق ما أعلنته مصادر روسية.
وتتفاوض مصر حالياً مع روسيا لشراء 50 مروحية من طراز كا-52 لوضعها على حاملة المروحيات ميسترال، وذلك بعد أن طلبتها مصر من روسيا أواخر أغسطس/ آب الماضي.
ويمكن لـ “كا-52” تدمير الدبابات والمدرعات العسكرية والقوى البشرية والمروحيات المعادية في الأحوال الجوية كافةً دون التأثر، فضلاً عن إمكانيتها توفير الدعم الناري لقوات الإنزال والمهام.
وتبلغ سرعة المروحية القصوى نحو 300 كم بالساعة، وتقطع مسافة 1160 كم، وترتفع إلى 5500 متر. كما أنها مجهزة بمدفع من عيار 30 ملم، ويمكن تركيب الأسلحة الجوية على متنها، إضافة إلى الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات والصواريخ غير الموجهة وصواريخ “جو–جو” والمدافع الرشاشة والقنابل من مختلف الأعيرة، مضيفاً أن المروحية يمكن أن تضم مجموعة إلكترونية بصرية تسمح بتعقب الأهداف.