نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: الشرق الأوسط في دوامة التغيير

الشرق الأوسط لا يهدأ و تغيير قواعد اللعبة فيه يتم وبسرعة كبيرة والأحداث السياسية علي أرض الواقع تتسارع ومالم يكن متوقعا بالأمس أصبح حقيقة نراها بأعيننا .

السودان حرر أرضه بالقوة بالكامل بعد خمس وعشرون عاما من الاحتلال الإثيوبي ووصل الجيش السوداني إلي الحدود الدولية و استعاد أكثر من مليوني فدان مزروعة كان المزارعون الإثيوبيون قد استولوا عليها من المزارعين السودان بمساعدة الجيش الأثيوبي بالقوة المسلحة. وبفرض الأمر الواقع ولم يكن الجيش المصري بعيدا عن المشهد فقد بلغ التعاون العسكري بين مصر و السودان إلى أقصي حد. وحاولت إثيوبيا شق الصف بين البلدين بكل الوسائل فلم تفلح. وأصبحت مصر والسودان عسكريا على استعداد لصد التوسع الاستعماري الإثيوبي الذي تمارسه مع كل دول الجوار. بل ومع جزء من إثيوبيا نفسها.

ورغم كل التعتيم الإعلامي الكامل فقد واصلت القمع العسكري ضد أقليم تيجراي وبكل أنواع الأسلحة مما يؤكد أن السياسات الإثيوبية توسعية ولا تتغير إلا بالقوة وها نحن قد وصلنا إلى عام الحسم لأزمة سد الخراب الإثيوبي فإما الوصول لاتفاق ملزم قانونا وببنود واضحة تحفظ الحقوق المائية لمصر والسودان. أو التحرك بكل الوسائل والقوة المتاحة للتخلص من الخطر الوجودي علي مصر و السودان .

أما في ليبيا فمازالت المفاوضات السياسية بين الأشقاء تدور في أكثر من عاصمة لتقاسم السلطة بين الأقاليم الثلاثة الرئيسية في ليبيا و مازال الخط الأحمر ( سرت و الجفرة ) الذي وضعته مصر مستقرا يتحدي الغرور التركي و ميلشياته وزيارة الوفد المصري المخابراتي و الدبلوماسي لحكومة الوفاق في طرابلس كانت مفاجأة لكل المراقبين مما يجعل مصر أقرب لدور الوسيط بين الفرقاء في ليبيا للمحافظة على وحدة ليبيا. كما يلوح في الأفق تغييرات في العلاقات المصرية التركية يدعمها تصريحات تركية بأن التعاون الأستخباراتي بين مصر و تركيا لم ينقطع وأن شرايين الاقتصاد تتدفق بين الدولتين.

ويبدوا أن تركيا تعلم أنها لن تستطيع الدخول في حرب مع مصر علي أرض ليبيا. كما أن الصراع حول حقول الغاز في شرق المتوسط يحتاج الي حياد مصر لأن جبهة الصراع تجمع مصر وفرنسا واليونان و قبرص معا. ومن المستحيل علي تركيا مواجهتهم بحريا و جويا لو تطور الصراع فيها. وقد نري تقارب مصري تركي في القريب أو على الأقل هدوء علي جبهات الصراع بين مصر وتركيا .

أما ما حدث من تطبيع متسارع بين الإمارات والبحرين والمغرب والسودان من جهة و الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخري فقد ضغط ترامب بكل القوة الأمريكية للوصول إلى معاهدات السلام هذه مما سمح لفتح الأجواء للصهاينة للوصول إلى كل دول الخليج علنا. بل والحديث عن مواجهة بين إسرائيل و إيران في الخليج العربي. بل وتحدث بعض مسئولي إسرائيل عن مناورات عسكرية مشتركة بينهم وبين دول الخليج في الخليج العربي قريبا وهي أحداث لم يكن يتصورها أحد. فمن كان يصدق أن يدخل اليهود أرض الجزيرة العربية بالآلاف وبدون تأشيرة. رغم أن العرب لا يدخلون الخليج إلا بعد الحصول بصعوبة علي تأشيرة إذن بدخولها. ولكن الاتفاقات الاقتصادية بين الإمارات و إسرائيل أصبحت قيد التنفيذ المشترك. كما أن هناك تقارير عن مشروعات تعاون مشترك قد تضر مصر اقتصاديا وبشدة. خاصة ما يتعلق بمشروعات النقل والتي تقلل كثيرا من دور قناة السويس في حركة الملاحة العالمية إلا أننا لا نظن أبدا أن تشارك أي من دول الخليج في مشروعات تضر مصر .

أما عن الخلافات بين قطر من جهة ومصر والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخري. فمازالت مستمرة ومازالت المحاولات الكويتية تعمل لعقد هذه المصالحة. ولكن مازالت قطر بأموالها و قناة الجزيرة الخبيثة تبث سمومها الإعلامية علي مدار اللحظة ضد الدول الأربعة وخاصة مصر في محاولة مستميتة لهز هذه الدول واشعال الفتنة فيها وتشويه صورتها أمام الرأي العام العالمي. وعلي الرغم من التدخل الأمريكي و ضغوتاته لعقد هذه المصالحة فمازالت المؤشرات لا تدل علي حدوثها. إلا لو كان هناك ما يدور خلف الكواليس من إعداد مسرح الخليج العربي لضربة ضد إيران ولو حدثت فسيغير من خريطة الخليج العربي كاملة .

تغيير قواعد اللعبة السياسية في الشرق الأوسط لم تهدأ ولم تتوقف رغم وباء كورونا. الذي يغطي علي كل الأحداث في العالم كله أعاذنا الله جميعا شره و حفظ الله كل شعوب العالم منه .

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

 t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى