نون والقلم

د. إيمان علاء الدين تكتب: شراكة متكاملة وملزمة

تطالعنا بعض الأخبار يومياً وكذلك التقارير الوطنية والدولية بضرورة العمل على تطبيق مبادئ التنمية المستدامة بكافة أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في جميع جوانب وأنشطة الحياة المختلفة ولا سيما بعد ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد.

وعلى الرغم من أن استراتيجيات معظم الدول تتبع المبادئ العامة والمؤشرات الخاصة للتنمية المستدامة في كافة المبادرات والفعاليات والأنشطة المتنوعة بمختلف القطاعات والوزارات ذات الصلة، إلا أن الأنشطة الفردية للمواطن تظهر مدى الاحتياج لأساليب مبتكرة ومختلفة في تنفيذ برامج رفع الوعي المجتمعي بأهداف ومفاهيم التنمية المستدامة وضرورة تنفيذها على المستوى الفردي حتى لا يصبح المواطن عائق أمام استدامة التنمية بكافة أبعادها الاجتماعية والبيئية والاقتصادية.

إذا دعنا نبدأ بالتساؤل عما هو مفهوم «التنمية المستدامة» وما هي مبادئها وأهميتها وأهدافها وأبعادها وما أبرز المؤشرات لتحقيقها؟ وتلك الأسئلة هي بالأصل ضرورية وأساسية لرفع الوعي بضرورة معرفة المفاهيم الأساسية المتعلقة بالتنمية المستدامة.

مما لا شك فيه أن مفهوم «التنمية المستدامة» أصبح محركاً عالمياً لمستقبل الكثير من الدول، فمن خلال بعض الأنشطة الغير مسئولة للإنسان مثل الاستخدام الغير الأمثل للموارد الطبيعية وأنماط الاستهلاك والإنتاج غير المسئول، أصبح الإنسان أكثر ضررا للبيئة، وهو الذي بدوره يؤدي إلى تفاقم بعض الأزمات كتغير المناخ وتآكل التنوع البيولوجي والتلوث وفقدان الموارد الطبيعية وظهور طفرات جينية لبعض الكائنات الحية كالفيروسات والتي لا تؤثر فقط على الصحة العامة للإنسان والبيئة بل وتمتد لتؤثر على الاقتصاديات العالمية.

وفي هذا السياق، فإن مفهوم «التنمية المستدامة» يرتكز على أنها «التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة» أي أن التنمية المستدامة تركز على دمج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية معا من أجل الحد من التدهور البيئي والقدرة على التكيف والحد من ظاهرة تغير المناخ مع الحفاظ على الموارد الطبيعية في كافة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية من أجل مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا وأحفادنا.

ومن هذا التعريف لمفهوم التنمية المستدامة نستنتج أهمية التنمية المستدامة التي تتمحور حول تسريع الجهود للحفاظ على حياة ورفاهية الأجيال المستقبلية والمحافظة على التقدم الحضاري والحد من التدهور البيئي والحد من تأثير ظاهرة المناخ والمحافظة على التنوع البيولوجي وتعزيز إعادة توليد الموارد الطبيعية والحد من جميع أنواع التلوث والتصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية وتسخير الابتكار والإبداع لخدمة الإنسان والطبيعة.

ولا شك أننا نعي جيدا أن البعد الاجتماعي هو الذي يختص بالعديد من القضايا التي من أبرزها قضايا البطالة والتنمية المحلية والإقليمية والرعاية الصحية والترابط الاجتماعي وتوزيع الخدمات، ويشمل البعد الاقتصادي بعض القضايا الهامة مثل التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي والإبداع والتنمية الصناعية، بالإضافة إلى أن البعد البيئي يشمل عددا من القضايا التي ترتكز على الحفاظ على البيئة ونوعية الهواء و المياه والتربة وتغير المناخ والتنوع البيولوجي.

ومن هذا المنطلق الذي يختص بضرورة تكامل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لتحقيق مبدأ التنمية المستدامة في كافة الاستراتيجيات والمبادرات والمشروعات والأهداف التنفيذية والأنشطة المجتمعية الخاصة بالحكومات والمؤسسات و الشركات والأفراد لتنفيذ مسـار خطة عـام 2030 مـن حيـث الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة، والمقاصـد والغايات البالـغ عددهـا 169 مقصـدا ُو تحقيق أعلى معدلات الإنجاز الكمي وتحديد كافة التقـدم المحـرز، الذي يتضمن تحليلا للأسباب الجذرية التي تعوق تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ويعتبر ضرب الأمثلة هي أفضل الطرق لفهم كيفية تطبيق المفاهيم المختلفة. ومن هنا دعنا نستعرض سويا أبرز الأنشطة المتبعة للدولة المصرية والمتعلقة بتنفيذ التنمية المستدامة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية. ليعلن بدء عصر ذهبي جديد في تحقيق التنمية المستدامة بدءا من مرحلة التخطيط ووضع السياسات. ومرورا بطرق وآليات التنفيذ وختاما بأساليب وأدوات وآليات التقييم واستراتيجيات التعزيز والتحسين لكافة الأهداف المتبعة.

وليتنا نستعرض سويا بعض كلمات سيادته: « إيمانا بشراكتنا جميعا في هذا الوطن العزيز وتحملنا معا لمسئولية إصلاح أوضاعه. بدأ تنفيذ برنامج شامل ومدروس بدقة للإصلاح الاقتصادي الوطني يستهدف أولا وقف تردي الأوضاع الاقتصادية. وثانيا  تحقيق نهضة اقتصادية واسعة وحقيقية. من خلال عدد من المشروعات التنموية العملاقة، التي تحقق عوائد اقتصادية ملموسة. وتوفير ملايينا من فرص العمل وتقيم بنية أساسية لا غنى عنها لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة».

تلك الكلمات الجامعة المفسرة والتي تعبر عن ضرورة المشاركة بين جميع فئات الشعب. وجميع القطاعات المختلفة لتحقيق  التنمية الشاملة. بالإضافة إلى ضرورة تحمل المسئولية الكاملة لنهضة هذا الوطن العظيم.

وليتنا نستكمل عرض أبرز الأنشطة المصرية المختلفة والتي تعبر عن جهود الدولة المصرية للارتقاء بمستوى معيشة المواطنين المصريين. وتوفير حياة كريمة لهم من خلال المجلد الذي اصدره رئاسة مجلس الوزراء، حيث أوضح أنه نظرًا لإيمان الحكومة المصرية بأن الاهتمام بالتنمية البشرية والارتقاء بالعنصر البشري يمثل الركيزة الأساسية للتنمية المستدامة. فقد أولت الحكومة المصرية اهتمامًا خاصًا بالعديد من المجالات أبرزها الصحة، والتعليم.

فقد عرض المجلد أن مصر تنفذ 960 مشروعا في مجال الصحة. بإجمالي استثمارات بلغت (81290) مليون جنيه مصري. بالإضافة إلى أنه تم تنفيذ (5026) مشروعًا في مجال التعليم قبل الجامعي بإجمالي استثمارات بلغت (31289) مليون جنيه مصري. كما أنه تم أيضًا تنفيذ (1484) مشروعًا في مجال التعليم العالي بإجمالي استثمارات بلغت (17157.69) مليون جنيه مصري، وجار تنفيذ نحو (442) مشروعًا آخر. ومشروعات أخرى تتعلق بتنمية الموارد المائية والغذائية والطاقة لا تسع لنا الحروف والكلمات والجمل أن تذكرها كلها في آن واحد.

خطط وسياسات ومبادرات وفعاليات ومشروعات مصرية عملاقة تهتم بالتنمية الشاملة وتعمل على تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي. مع الالتزام بالبعد البيئي ودمجه في كافة القطاعات والمجالات المختلفة لتحقيق التنمية المستدامة. ولكن يبقى السؤال ماذا سيحدث إذا لم يعي المواطن بتلك الإنجازات؟ ، ماذا لو لم يبادر المواطن للمشاركة بإيجابية وبمسئولية ليس فقط في تنفيذ تلك المشروعات. بل أيضاً في الحفاظ على استدامة تلك المشروعات؟. أسئلة كثيرة ستبقى مبهمة، طالما أن المواطن لم يعي أنها شراكة ومسئولية متكاملة  وملزمة بينه وبين الدولة. فكلما كان للمواطن حقوق فعليه أيضا واجبات. وهناك الكثير من الأمثلة والتي من أبسطها نجد من يلقى المهملات في الشوارع العامة والطرقات. فهذا مثال سيء للمسئولية ونجد من ينظف بيئته ويجملها ويعتبر هذا السلوك من مهام عمله. وأخيراً ليتنا نعي جميعا أنها شراكة متكاملة وملزمة.

عضو هيئة تدريس بعلوم القاهرة

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

 

 t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى