نون والقلم

فريهان رؤوف تكتب: من الخائن.. حكايات مأساوية لواقعنا المزيف

من الخائن أليست أنفسنا التي تعبث بنا مع كل محطة؟

ومن يكون الخائن أليس ذلك الذي لا يلتزم بوعوده. ذلك الذي يطعن أحاسيسنا بمئات الخناجر والسهام المتبعثرة.

و هل نتخيل لبرهة كم عدد الخائنين، بداية من أنفسنا التي تخوننا عندما تستسلم وتنكسر. وأفكارنا التي تتشتت وتنسى كل شيء، و تركض وراء المجهول، حتى أننا قد نعمى عن رؤية الحقيقة والواقع كما هو. لكن هي فلسفة الحياة، فلماذا نلوم الخائنين ونحن قد خانتنا أنفسنا. قد خانتنا ثقتنا، خانتنا السعادة وبقينا سجناء داخل زنزانة الحزن والوحدة. نبكي على تلك الصفعة من الحياة ونسينا أن جلادنا هي تلك المشاعر التي تجلدنا بدون حتى إنذار وبدون أن تترك لنا الفرصة أن نحاسب أنفسنا على ما قد جنيناه من جروح لا تشفى مع الزمن.

نرثي حالنا لنجوم فهي أنيسة دربنا ووحدتنا. لكنها أيضا تخوننا وتختفي لنختنق مع أنفسنا أكثر مع ظلام سائد لا تضيئه نجمة واحدة.

نتساءل ونعيد في كل مرة نفس السؤال. لكن الحيرة تزداد أكثر مع كل سؤال لا نجد له إجابة .

ربما تخوننا دموعنا في كل ليلة نعجز أن نفهم فيها حقيقة الواقع الذي نعيشه.وما يتعبنا أكثر الألغاز المتبعثرة في كل مكان من زوايا تفكيرنا.

ما يتعبنا قلة الحيلة وقلة الصبر.ما يتعبنا أننا دائما ما يخوننا التسرع والتعجل. لم نتعلم بعد الصبر والحكمة فمن الخائن في هذه الحالة؟

أليست أنفسنا التي تجلدنا بدون ذنب فقط لرغبة منها في أن تسبق عجلة الزمن والأحداث و هي عابثة بنا مثلما شاءت على أوتار الماضي والمستقبل حتى جعلتنا ننسى لوهلة أننا في الحاضر. لنتحسر فيما بعد عن حاضر أصبح ماضي وصفحة انطوت مع كتاب لم نقرأ بعد سطوره ولا حتى عنوانه ربما هو بدون حتى عنوان. كتاب لم يسمح لنا الزمن بأن نكتب كل صفحاته. تجاهلنا كل لحظة وثانية لم نعشها بكل تفاصيلها. ثم يقتلنا التحسر على الزمن الذي قد ضاع و نمضي الأيام تلو الأيام في التحسر ونضيع في هذا العالم الشاسع الذي لا نفهمه والعالم الآخر الذي هو أيضا مجهول.

فمن الخائن أليست أنفسنا التي تعبث بنا في كل محطة دون أن نعلم إلى أين هي تمضي؟ بل هي تمضي مع كل يوم لم تتصالح فيه أنت مع الحياة. بل أعلنت رفضها وأنت تغوص في أعماقها لتفهمها لكنك تفشل في كل مرة أن تجد الإجابة المقنعة التي تهدئ ذلك البركان الذي يكاد ينفجر داخل عقلك مع ثوران أفكارك التي تثور مثل العواصف و لا زالت تطرح كل ثانية سؤال. وما يعذبك أنك إلى الآن لم تفهم المغزى من كل الصراعات التي تعيشها بين تحقيق السعادة المنشودة و إثبات الوجود والخوف والتحدي.

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

 t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى