مع الهجمة الجديدة لفيروس كورونا اللعين يتبادر سؤال هام هل يقبل الإنسان أن يعتذر للإنسانية. ويخرج من أزمة كرورنا أكثر تحضرا وسلوكا نظيفا، ويعود كما خلقة الله لرسالته في تعمير الأرض وإصلاحها.
وهل يعود البشر للأخلاق والتواضع ومساعدة بني جنسهم وتعود الدول العظمى لرشدها. وتترك العالم وشأنه دون إذكاء الصراعات هنا وهناك وتغير الأيديولوجيات والمصائر بالقوة الجبرية.. وليتهم يتعلمون الدرس!!
وفي ظل هذه المحنة التي يمر بها العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه. والتي يقف فيها العالم بقوته وأسلحته وعتاده وجنده وتطوراته العلمية والتكنولوجية وأمواله الضخمة. عاجزا أمام فيروس صغير لا يرى سوى تحت المجهر.
لماذا لا نتوجه بالتوبة الخالصة والرجوع إلى رب العالمين سبحانه وتعالى والتضرع إليه عسى أن يرفع عنا هذا البلاء والوباء. ففرج الله قريب إيمانا بوعد الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأنه لا يهلك أمته بسنة عامة. كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :« سألت ربي عزَّ وجلَّ ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم فأعطانيها . فسألت ربي عزَّ وجلَّ أن لا يظهر علينا عدواً من غيرنا فأعطانيها، فسألت ربي أن لا يلبسنا شيعاً فمنعنيها » الحديث رواه الترمذي.
فكفي العالم عربدة بالقوة وغطرسة على ما خلق الله فمهما أوتي من قوة فالله أقوى وأشد. تعلموا الدرس ممن سبقكم فأين قوم عاد وثمود وارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد فحينما علوا وتكبروا على رب الكون فخسف بهم وبدارهم الأرض فإذا جاء أمر الله فلن تجد له مانع «لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ».. فأين أمريكا وأوروبا اليوم الجميع ركع أمام فيروس لا يرى بالعين المجردة.
والأدهى أن انحسار حركة البشر جعل الطبيعة تتعافى وهو الأمر الذي يجزم به خبراء الطبيعة وعلماء المناخ والبيئة. فقد سجلوا حالة الحياة على الكون بعد هجمة الفيروس المدمر على البشر فأعلنوا عن ارتفاع ملحوظ في مؤشر تحسن الظروف البيئية مثل نمو الأشجار وعودة الحشائش والنبات النادرة في الجبال والأدوية والغابات زيادة في إعداد الحيوانات التي تعاني الانقراض الأسماك في البحار مستوى التلوث ينخفض في الأنهار والبحار بشكل ملحوظ عودة الطيور المهاجرة، وقلت نسبة خروقات الأوزون المدمرة. وهنا نتساءل هل تعافت الطبيعة بمرض الإنسان وهل كان كرورنا نجاة لمخلوقات الدنيا التي فتك بها الإنسان!!؟
و السجل الإنساني والبشري حافل بالمواجع والآلام والتي غيرت مساره ودفعته إلى تغير سلوكه ومنهج حياته. فكم رأينا حضارات اختفت بفعل ما أصابها من كوارث وابتلاءات ومحن ضربت بأركانها فصارت هشيما تذروها الرياح ولاشك أن الأمراض الوبائية خلفت تاريخا مؤلما في السجل الإنساني ومن عمر البشرية جمعاء بما حصدته من أرواح وما تركته من آثارا محزنه أدمت القلوب عبر التاريخ ففي عام 1337 م وحتي 1351 م قتل الطاعون أو ما يسمى بالموت الأسود قرابة 50 مليون شخص ممن أصابهم. وفي عام 1520م قتل «الجدري » قرابة 40 مليون شخص ممن أصيبوا به عبر العالم، وفي عام 1817م وحتى عام 1818 م قتلت الكوليرا ما يقرب من مليون شخص. وفي عام 1918 م وحتى 1919م حصدت الأنفلونزا الإسبانية قرابة 30 مليون متوفى. واليوم يواجه العالم كرورنا والذي أزل أعتي الدول تقدما وحداثة وتكنولوجيا.
وهنا نتساءل أين جبابرة العالم الذين ملئوا الأرض ضجيجا. بجبروت أسلحة الدمار الشامل والرؤوس النووية ومفاعلاتهم الذرية ومختبراتهم البيولوجية وصواريخهم العابرة للقارات؟، وما اقترفوه في حق البشرية من ملوثات أفسدت المناخ، وغيرت البيئة وتلاعبت بطبقات الهواء الجوي، فأحدثت ثقبا عميقا في أهم طبقة خلقها الله عز وجل لحماية البشر من مردود الأشعة فوق البنفسجية طويلة المدى المنبعثة من الشمس..
فغرور الإنسان وجنون العظمة، بما أوتي من حداثة وتطور غير مسبوق أدى إلى غضبة الكون أعاصير وفيضانات وسيول وفيروسات، وتغير المناخ بشكل موحش، وهنا يأتي البلاء كنقطة نظام وإنذار من خالق الكون وواهب الحياة فلا ملك أمام ملك الله «لمن الملك اليوم لله الواحد القهار».
ومن هنا يأتي المنهج الرباني مطالبا بالتعاون بين البشر والحرص على المصلحة العامة، والبعد عن الأنانية وحب الذات. قال تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ، وإتباع ما يصدر من قرارات وما يتخذ من اجراءات لحماية الأوطان، وعدم الانسياق وراء الشائعات التي تهدف إلى بث الرعب والخوف في قلوب العباد وهذا طريقنا للنجاة بإذن الله.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية