دأبت قطر نحو المصالحة الخليجية، عبر بوابة السعودية، في محاولة منها لتحريك المياه الراكدة بين الرباعي مصر السعودية والإمارات والبحرين، بعد قطيعة منذ منتصف 2017. بسبب دعمها للجماعات الإرهابية، وسياسات أخرى منها التماهي مع الجانب الإيراني، والتي آثرت قطر التعاون معه ليس حبا فيه. ولكن هناك قاسم مشترك، للتلاعب بمحيط الخليج.
وظهر ذلك جليا مؤخرًا في إبرام صفقات عديدة منها في الكهرباء والتبادل التجاري. قطر تريد حلحلة الأزمة بطرق ملتوية ومسمومة، أمام الإدارة الأمريكية، بمباركة ترامب وكوشنر، قبل أن يرحل الأول عن البيت الأبيض، لعدة أسباب منها شراء ذمة جديدة في واقع يوحي بأنها لا تريد القطيعة مع أي دولة جوار. ومن جانب آخر التمسك بتلابيب ترامب قبل الرحيل، ليضفي لها نوع من الشرعية أمام العالم في حقها في التعايش. لتستكمل الطريق التي انتهجته في دعم الإرهاب، والمضي قدما في خلخلة الاستقرار في دول الجوار، عبر دعمها الواضح للجماعات الإرهابية سواء لوجستيا أو عبر المنابر الإعلامية التي تكرس مجهودها الكامل في إشعال نار الفرقة والانقسام داخل الشعوب.
لم يكن توجه قطر، وتقاربها من الجانب السعودي، للمصالحة. باستئناف جهود الوساطة الكويتية والعمانية، وليد الصدفة، وبدون مخطط واضح. فالواقع أن تلك الخطوة لها أهداف منها ما هو على المدى القريب، وآخر على المدى البعيد، وهو ما يكشف أن إدارة ترامب تريد من المملكة العربية السعودية فتح المجال الجوي
أمام الرحلات الجوية القطرية التي تدفع الدوحة حاليا ملايين الدولارات لتسييرها فوق إيران، واقع يكشف مدى حرص الإدارة الأمريكية على مصالحة الجانب القطري. فالإدارة الأمريكية تريد التخديم على أهدافها، خاصة في ملف الإرهاب باعتبار أن قطر هي العبد المطيع، لها دائما. وتسير وفق مخطط لها بسياسات محددة منها استخدامها في دعم التنظيمات الإرهابية داخل محيط الخليج العربي، ناهيك عن الضغط على إيران من الجانب الأمريكي وتكبيده الكثير من الخسائر، ولو لبعض الملايين من الدولارات.
الموقف المصري كان واضحا، من تلك الخطوة حيث أعلن عبر وزير الخارجية سامح شكري، بأن مصر على دراية بما يدور من جهود لرأب الصدع بين الرباعية وقطر، وذلك جهد مشكور من دولة الكويت للتقريب بين الدول العربية. وهو اتصال لجهد أمير الكويت الراحل. حقيقة جليا تكشف حرص مصر على استقرار المنطقة، وفق مبادئ تدعم تقويض تحركات الإرهاب، بشكل يجفف منابعه، ويقتلع جذوره.
ولكن السؤال الوجودي رغم تلك التحركات القطرية في المصالحة، ماذا قدمت قطر للمصالحة؟ وما موقفها من دعم جماعة الإخوان الإرهابية، وما أسباب التقارب الحالي. هل أكتوت من نار الفرقة؟ .. وما موقفها من الحملات التي تشنها على دول المنطقة عبر منابرها التي تمولها في الإعلام؟.
قطر منذ سنوات عديدة انتهجت مسار مغاير لسياسات المنطقة التي، تصب في مصلحة الاستقرار، ومجابهة من يحتضن التنظيمات الإرهابية، ولكن لمصر من تلك التحركات نصيب الأسد، فالموقف المصري من تلك التنظيمات ثابت وسيظل أبد الدهر، فمن يسعى إلى تفتيت دول المنطقة، يصنف ضمن الطغمة السياسية، القميئة، مهما حاولت أن تغير من جلد ستظل حرباء، وعلى قطر قبل الولوج في أي تحركات من شأنها أن تضفي نوع من التقارب مع دول المقاطعة، أن تتوب توبة نصوحة عن ما فعلت وتتعهد برمي ورقة التنظيمات الإرهابية في بحور الظلمات، عندها قد يتم النظر في طلبها، بصفة عامة. للوقوف على القضايا الهامة ومحاسبتها أمام العالم أجمع على ما اقترفت. هذا إن كانت تتحدث عن مصالحة بالفعل.
على الجانب القطري، أن يتفهم، ما قام به خلال السنوات الماضية. فاعتراف قطر بما فعلت على رؤوس الأشهاد، يعد الحبل الذي يلتف حول رقبتها أمام العالم أجمع وليس دول المنطقة وحسب. وعندها ماذا ستفعل الإدارة الأمريكية معها؟ بعد أن ساندتها في عدة ملفات، منها المصالحة.. هل فكرت قطر قبل أن تتملق بالمملكة العربية السعودية في إغلاق القاعدة العسكرية التركية على أراضيها وإلغاء التعاون العسكري معها، فضلا عن إغلاق قناة الجزيرة المتهمة بإثارة الاضطرابات في المنطقة ودعم جماعة الإخوان، وإغلاق كافة وسائل الإعلام التي تدعمها بشكل مباشر أو غير مباشر.. بالطبع لأ.. فعن أي مصالحة تتحدث إذا؟.
خلاصة القول قطر تريد المصالحة، مع المملكة العربية السعودية، بشكل أحادي لتفجير التحالف الرباعي العربي من الداخل. بشكل يضمن لها بقاء التحالف مع تركيا وإيران، لبدء رحلة جديدة وتدشين قوى موازية ضد البحرين والإمارات ومصر .. ولكن هيهات .. عودوا حيث جئتم فلا أمان ولا عهد لكم.. حتى تعودا.. فهل تعودا فعلا؟!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية