الحبل السري الذي يربط بين الجنين والأم، هو الذي يجعل الأم تشعر بكل تحركات جنينها من أول حركته حتى نبضات قلبه وأنفاسه سواء كانت سعيدة أو حزينة. فهو في ذلك الوقت خلال فترة الحمل يكون عبارة عن جزء من جسدها. تشعر به كما تشعر بأي عضو داخل جسمها. والجنين أيضًا يتأثر بنفسية والدته. ويتأثر حتى بجسدها سواء كان متعب أو في حالة جيدة، لذلك ينصح دائماً الأطباء الأمهات الحوامل بضرورة الاهتمام بصحتهم ونفسيتهم أثناء فترة الحمل.
هذا الحبل السري الذي ينقطع في يوم الولادة، فيخرج الجنين من رحم الأم إلى الدنيا. ويعتبر علميًا أنه هكذا قد انفصل عن أمه وكبر قليلاً وأصبح طفلاً ثم يمر بمرحلة نمو الإنسان الطبيعية ويتقدم في العمر. ولكنه في الحقيقة لم ينفصل عن أمه.
فمهما وصل عمر الأولاد تظل الأم تشعر بهم وبكل دقة في قلوبهم، فلم ينقطع الحبل السري بالنسبة لها فتظل هي الوحيدة التي تشعر بأقل نبضات لأولادها. جميعاً نعرف ذلك ونعيشه من خلال ما نراه أو نسمعه من قصص متداولة حولنا أو على السوشيال ميديا. والتي تحكي عن كيف يقسوا الأولاد على أمهاتهم . ورغم ذلك تظل الأمهات تكن لهم كل الحب.
وأغلبنا لم يدرك كيف يحدث ذلك. ونظل نتساءل ما هو طبيعة قلب الأم الذي يمتلئ بكل هذا الحب . ويحتوي أيضاَ على كمية الشفافية والإحساس.
فالغريب أن الأم لم تشعر بأولادها وهي معهم في نفس المكان فقط وإنما لديها إحساس فطري ومحبة وضعها الله في قلبها تجعلها تشعر بهم وإن كانوا في أبعد البلاد. الأغرب من ذلك أنها لن تتوقف عند هذا الحد. وإنما تشعر بهم أيضًا حتى وإن كانت رحلت عنهم بالجسد وفارقتهم وذهبت إلي السماء ولقت ربها .
وهنا أتحدث عن تجربة حقيقية أعيشها أنا مع والداتي التي رحلت عنا منذ ثمانٍ سنوات. ولكنها لم ترحل في الحقيقة، في بداية انتقالها كان الأمر صعب علينا، ثم فوجئنا أنها مازالت تشعر بنا وكأنها على قيد الحياة معنا، في ضيقنا نراها تأتي إلينا في أحلامنا فتعطينا لمسات حنان واحتواء، وفي أفراحنا تأتي أيضاً وتهل علينا بفرحة تزيدها. بل وفي كل الأشياء المفرحة تأتي هي لتعطينا إشارة الفرح قبل أن يحدث في عالمنا الأرضي .
كنا نعتقد أنه مع مرور الوقت سوف ينتهي ذلك أو لم يعد متواجد. ظناً مناً أن ذلك ما هو إلا عبارة عن حنين منا لها وعقل باطن، ولكن المفاجأة الأكثر جمالاً أن كلما زادت السنوات كلما كان الرباط بيننا وبينها أقوي حتى أنها تشعر بضيق أنفسنا. وتأتي لتضامن معنا وكأن الحبل السري بيننا وبينها مازال موصول ولكن هذه المرة يربط بيننا وبينها من الأرض للسماء. فأريد أن أقول بالنهاية سلاماً علي روحك يا أمي وسلاماً على روح كل أم رحلت عن دنينا. فالأمومة هي أسمى شيء في العالم كله وأعظم حب ليس له نهاية.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية