نون والقلم

صفوت سليم يكتُب: شهوة الشهرة.. من المسؤول؟

من المسؤول؟.. باتت قضية الشهرة مرضٍ عضالٍ منذ زمنٍ بعيدٍ، وباءً تعاقبت عليه الكثير من الأجيال، منها من هو ناصح أمين، وآخر بين سواعده مشكاه كمصباحٍ، يضيئ به للمغيبة عقولهم، دربًا جديدًا، يضيف للبشرية، زود الفلاح والصلاح. حتى عادوا جميعًا يجروا أذيال الخيبة، في زمننا هذا. بسبب تصدر العبث منصات السوشيال ميديا.

هُنا مهوس يمزق ثيابه، بدون وعيٍ أملاً في الحصول على بعض المشاهدات من اليوتيوب، الذي أصبح أداة لتشويه الوعي داخل وطننا، وصولاً لاستفحال الأزمة، حين أحضر شاب ميكرفونًا في كفر الشيخ، لينال من فتاةُ زعم أنها على علاقة به، لينادي «أنا فلان أنا من أنفقت عليكي حزمة من الأموال الباهظة في ليال الهوى». عشمًا في بعض الدنانير من جيوب الشعب المصري خلسة، تاركًا بصمته داخل جباههم بالعوار .. والمراد شهرة..

حب الشهرة، لم يكن موجودًا، حين كان هناك اكتفاء للنفس والذات داخل الوطن الواحد، بيوتنا القديمة. التي كان دفؤها الجمع الكبير، والمسامرة، بين الفينة والأخرى، من رب البيت الذي كان مسؤولاً عن ضبط الإيقاع. بدءً من تقويم الأطفال الصغار، على موائد الطعام، ومنها نحو الكبار. عندها كانت تفرد موائد الحكاوي، وتضرب الأمثلة،«بفلان وعلان».

كانت هناك أساطير تنير  لذويها، الطرق الملبدة بالغيوم. خشية أن يصلوا لما وصل له شباب جيل الغد، الذي أصبح على شفا جرٍف هار، بسبب الشهرة والتريند، حتى سن القانون أنيابه، لملاحقة من تسول له نفسه، ترويج الالآعيب على أوسع نطاق. كان أبرز ذلك قضية، فتاة سقارة واليوتيوبر أحمد وزينب. والتي تسببت في حالة من السخط بين أوساط الشعب المصري خلال الشهور الماضية.

ظلت تلك المسألة، حبيسة العقول حين كشر القانون وردع هؤلاء. ولكن وآسفاه بقاء رغم الوَهنْ، عادات الحكاية مرة أخرى تطفو على السطح، ولكنها تلك المرة، حملت معنى آخر يشير إلى رهبة الفاعل، وخرج كالفأر المبلول. يعلن عن ندمه الشديد، على بثه المقطع بعد حالة الغضب التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلا «انا كنت بهزر..  دمك يلطش بصراحة!» ألم تقرأ قول المصطفى صل الله عليه وسلم حين قال: ما من عبد لبس ثوب شهرة إلا أعرض الله عنه حتى ينزعه.. فهل عدت! أم خشيت الملاحقة الأمنية؟

ومن هنا وجب علينا التنويه، إلى أن هذا المرض يورث الغرور، وبيئة خصبة للانحدار تخرج لنا جيل يتعامل مع المواقف بتفاهة، وتعالي وكبر، وما يقوم به يعد انتهاك صارخ للثوابت التي تربت عليها، الأسر المصرية الأصيلة، هل تريدون إعادة شكوكو لسطح المشهد ثانيا، حين قال للأديب عباس العقاد: «تعالى ننزل التحرير وشوف الناس هتروح لمين»؟ طاب عايزين الناس تروح لشكوكو ومترحش للعقاد!، فإن وصل بنا المطاف إلى ذلك فلا تسألني عن انحدار ثقافة الأجيال القادمة، التي ستكرس مجهودها نحو شل حركة المجتمع لتحوّلها إلى شكليات ومظاهر، ومسرحيات يُخادع بها بعضُهم بعضًا، فالشهرة حين تصير غايةً في ذاتها فمعنى ذلك تفَشِّي الكذب والنِّفاق. والخديعة والتصنُّع، وغياب القِيَم الحقيقيَّة التي لا تنتج الإبهار، لله.. لا تسقطوا النماذج الحقيقية..

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

 t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى