نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: المعارضة الوطنية.. نصف الكوب الممتلئ

كانوا يقولون لنا دائماً لا تنظر إلى نصف الكوب الفارغ، وانظر إلى النصف المملوء بالماء.. ويقولون لا تكن متشائماً، فالكوب به ماء في نصفه.. وكأن القائل اكتفى فقط بالنصف المملوء ولا يريد غيره.. رغم أهمية النظر إلى النصف الفارغ حتى نبحث عن آليات لملئه إلى آخره.

فأهمية النظر إلى النصف الفارغ في الكوب تساوى النظر إلى النصف المملوء، بل تفوقه.. لأن الحديث عنه يجعلنا لا ننسى أنه فارغ في خضم الأحداث التي تتوالى.. بل النظر إليه يعطينا دفعة للبحث عن طرق ووسائل لإكمال الكوب.

فمن أراد أن يستمر في تحقيق الإنجازات وألا يتوقف عن العمل عليه أن يجد من ينبه دائماً إلى أوجه النقص والقصور.. وأن يشير عليه دائماً بالعراقيل التي تواجه عمله.. ويحذره من أطراف تحاول عرقلته.. لأن من يعمل يكون تركيزه في العمل. ولا ينظر إلى أبعد من عمله، فهو يريد أن يحقق أهدافاً وضعها لنفسه ولا يريد إلا الإنجاز لأن فرحته كبيرة.. في حين قد تقع في أثناء العمل أخطاء أو ممارسات تثير مشاكل كبرى تعرقل العمل، وهنا يأتي دور من يتحدث ويراقب النصف الفارغ لينبه إلى أن الكوب ما زال نصفه فارغاً.

فكل من ينظرون إلى نصفي الكوب هدفهم واحد، وهو الوصول إلى مرحلة تقترب من إتمام ملء الكوب ووجود الطرف الناظر إلى النصف الفارغ مهم جداً للذي يرى نصف الكوب المملوء، والاثنان مهمان للذي يعمل على ملئه.

فلكل مجتمع مهما كبر أو صغر أشخاص يقومون بدور الضمير، ينبهون إلى أي أخطاء تقع أو يمكن أن تقع وهؤلاء هم من يطلقون عليهم الناظرون إلى النصف الفارغ.. وضمير المجتمع دائماً يدافع عنه وعن قيمه وعن مبادئه وأهدافه وسيادته..

وعندما أطلق على حزب الوفد أنه ضمير الأمة لأنه كان يقود القوى الوطنية ضد الاحتلال وضد كل من يتواطأ مع الإنجليز، وكان هدفه الاستقلال، وكان يضع مصلحة الدولة العليا فوق مصالحه كحزب سياسي.. وما زالت أهم القوانين التي تنظم الحياة في مصر شرعها حزب الوفد أثناء فترة حكمه. وما زال الناس يتذكرون زعماءه وإنجازاتهم على مدار 100 عام من قيامه.

فكل مجتمع يريد التقدم عليه أن يحترم ما يعلنه أو يقوله من يمثلون ضمير الأمة، ويحترمون الرأي الآخر الذي ينظر إلى نصف الكوب الفارغ. ويلفت النظر إلى أوجه القصور وسبل علاجه.

فالدول تحتاج إلى هؤلاء أكثر من المؤيدين.. وتحتاج إلى الرأي الآخر حتى يعلم كل مسؤول أنه لا يعمل في دون رقيب.. المعارضة الوطنية مهمة لكل دولة تريد أن تحقق قفزات تنموية كبيرة، فهي الحارس الأمين للإنجازات. وهي جرس الإنذار المبكر لأي أخطار قد تحدق بالمجتمع.

يجب أن نعيد الاعتبار إلى الناظرين إلى النصف الفارغ من الكوب. وأن نجلعهم يحذروننا من أي شيء غائب عنا بسبب انهماكنا في العمل والسرعة المطلوبة لتحقيق الإنجاز حتى يأتي اليوم الذي يكون فيه الكوب مملوء إلى آخره وهو الهدف الأسمى لنا جميعاً.

للمزيد من مقالات الكاتب اضعط هنا

 

 t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى