برغم كل ما مرت به من أزمات وأحداث صعبة، تبقى مصر دولة كبيرة وراسخة، ويبقى شعبها كلمة السر في تجاوز كل المحن والعقبات والمؤامرات، وتبقى أجهزتها على الوفاء والإخلاص والفداء من أجل صون تراب هذا الوطن ومقدراته.
ويبقى علينا جميعًا مسئولية تعميق الانتماء والوعى لإعلاء المصلحة العامة على المصالح الذاتية الضيقة، والحفاظ على كل المكتسبات التي حققتها مصر خلال السنوات القليلة الماضية. والنقلة التنموية والحضارية التي تشهدها البلاد منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي المسئولية، وحمل على عاتقه استعادة مصر لقدراتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية باعتبارها دولة محورية بالشرق الأوسط وتهتم بعمقها العربي والإفريقي. وهذا كله ما كان ليتحقق في سنوات قليلة إلا بفضل وحدة وتماسك شعبها ونسيجها الداخلي، الذي أصبح يعي تمامًا حجم المؤامرات وحروب الجيل الرابع التي استهدفت مصر قبل عقد من الزمان بهدف إسقاطها من الداخل، وتحويلها إلى أشلاء على غرار ما حدث ويحدث في عدد من الدول العربية التي مازالت تصارع من أجل البقاء بعد أن فقدت كل مقومات الحياة وتعاني من الصراع الداخلي بسبب سقوط مؤسساتها وسيطرة الميليشيات والعصابات المسلحة على مقدراتها.
الغريب أن التطور الذي تشهده مصر على شتى المستويات، لم يصل بعد إلى قطاع كرة القدم المصرية، والتي مازالت تعاني من العشوائية والتعصب الجماهيري الأعلى بين قطبي الكرة المصرية وعدد من الأندية التي تتمتع بشعبية جماهيرية.
ويبدو أننا لم نتعلم الدرس حتى الآن من الأحداث الدموية المؤسفة التي وقعت في بورسعيد قبل عدة سنوات وراح ضحيتها عدد كبير من شباب في عمر الزهور، وكانت كفيلة بتغير جذري في هذه المنظومة التي تجذب ملايين المشاهدين في الداخل والخارج.
ورأينا دولاً كثيرة وعلى رأسها بريطانيا تقوم بمواجهة وتعديل السلوك والشغب الجماهيري لمشجعي كرة القدم، والانتقال نحو الاستقرار وتصدير صورة حضارية عن المنظومة الكروية بالإضافة إلى العوائد الاقتصادية الكبيرة التي يحققها هذا القطاع، بعد أن ساد القانون كل عناصر هذه اللعبة الشعبية.
بينما الوضع مازال معكوسًا في مصر، بدليل أننا نتابع هذه الأيام عملية شحن معنوي غير مسبوقة بسبب المباراة النهائية لـ كأس أفريقيا بين فريقي الأهلي والزمالك، وبدلاً من أن تتحول هذه المباراة إلى كرنفال رياضي يشاهده ملايين المواطنين، وتكون فرصة لإبراز الوجه الحضاري لمصر، والاحتفاء بكلا الفريقين لوصولهما إلى المباراة النهائية وهو أمر في حد ذاته يمثل مكسبًا للكرة المصرية.. نفاجأ بالمشاحنات بين جمهور الفريقين على السوشيال ميديا وبعض النوافذ الإعلامية غير المسئولية، وأيضا لعاملين في كلا الناديين لا يقدرون حجم المسئولية وقيمة وسمعة الدولة المصرية، التي مازال البعض يتربص بها ويحاول استخدام جمهور الناديين في أعمال لا علاقة لها بالرياضة والتشجيع والروح الرياضية، ولا علاقة لها بالانتماء الحقيقي للناديين الأكبر في أفريقيا والشرق الأوسط.
مصر الكبيرة التي حققت المستحيل في قضايا كثيرة واستطاعت مواجهة ودحر الإرهاب واستعادة الاستقرار والعمل والانتاج وتحقيق أعلى معدلات النمو بشهادة المؤسسات الدولية.
ومصر الكبيرة التي تمكنت من تحقيق استحقاقين دستوريين هامين سواء في انتخابات مجلس الشيوخ أو انتخابات مجلس النواب في ظل جائحة كورونا، وعجزت دول كبيرة عن إجراء هذه الانتخابات، لا يجب أن تقف عند مباراة في كرة القدم، ولا يجب أن يشوه وجهها مباراة، وعلى المسئولين في كلا الناديين التشديد والتحذير من الخروج على الروح الرياضية، ويجب على المسئولين عن قطاع الرياضة توجيه مثل هذا التحذير حتى تكون هذه المباراة إضافة للوجه الحضاري الذى تعيشه مصر الآن.
حمى الله مصر من كل سوء.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية