المقولة الدارجة بين المواطنين الآن هي «المحافظ الشغال.. رزق»… وأبناء المحافظة التي يعمل فيها المسؤول الأول عنها بفكر منظم وجهد لا يتوقف وتنفيذ عاجل، هم بلا شك، محظوظون!
منذ سنوات كنا نسمع من أهالي «قنا» عن حبهم وعشقهم للمحافظ عادل لبيب الذي تم تعيينه في المنصب في عام 1999. وكانت قطارات السكك الحديدية التي تنقلهم لقضاء مصالحهم بين المحافظات، أشبه بجهاز الإذاعة أو التلفزيون، الذي تعلن عن انجازاته في المحافظة، فقد كان أبناء المحافظة يتحدثون مع ركاب الصعيد عن حظهم السعيد بوجود محافظ مثل عادل لبيب. وكانت صدمتهم كبيرة عند صدور قرار نقله محافظًا للإسكندرية في عام 2006!!.
وظلت سيرة عادل لبيب يتم تداولها بين المواطنين في قنا، وظل ابناؤها يطالبون بعودته حتى تحقق طلبهم في 2011 واستمر في منصبه عامين ليرحل بعدها وزيرًا للتنمية المحلية.
كل هذه الأفكار دارت في رأسي خلال طريقي لمقابلة المحافظ «الشغال» اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة، استجابة لدعوته أعضاء مجلس الشيوخ عن محافظة الجيزة مطلع الأسبوع الجاري، ولم يفاجئني المحافظ بحجم الإنجازات التي تم تنفيذها على أرض الواقع، لأن كل مواطني وسكان الجيزة، وأنا منهم ونائب عنهم، يتعاملون مع رأس السلطة التنفيذية في المحافظة، بنفس منطق أهل قنا منذ سنوات مع اللواء عادل لبيب، وهو أن اللواء أحمد راشد، محافظ «شغال» فالجميع يلمس جهوده في كافة المجالات.
ورغم أن حجم الإنجاز معروف وملموس، إلا أنني توقفت، ولفت انتباهي الأرقام التي أعلنها بخصوص الطرق، والرصف، والتطوير، وأنه يعمل على توصيل الصرف الصحي حاليًا لمراكز الصف وأطفيح والعياط التي كانت محرومة من الصرف الصحي تمامًا في واحدة من الصدمات التي تلقيتها خلال اللقاء!
لكن الملف الأكثر إثارة هو ملف التصالح على المباني.. المحافظ قال إن طلبات التصالح التي استقبلتها المحافظة من المواطنين بلغت 155 ألف طلب وتم تحصيل مقدم 25% فقط من قيمة الرسوم المفروضة على كل طالب تصالح، بما يوازى مليارا و250 مليون جنيه. أي أن كل طالبي التصالح الذين تقدموا بطلبات حتى الآن سيقومون بتسديد خمسة مليارات جنيه للدولة.
وما قاله المحافظ يعنى حرص المواطنين على تقنين أوضاعهم، بغض النظر عن رضائهم عن القيمة المحددة، فمعظم المواطنين يسعون دائمًا للسير في كنف القانون، بعيدًا عن الرفض أو القبول.
أهم تصريح أعجبني لمحافظ الجيزة خلال اللقاء، هو تأكيده على تنفيذ الاشتراطات البنائية، وقال نصًا: لن أترك أي جراج لأى مبنى بدون تشغيل، لأن عدد الجراجات المعطلة كبير جدًا، ولم يعد أمامهم الآن وسيلة لتحويلها إلى محلات أو أي نشاط آخر، وفى المستقبل لن يتم الترخيص لأى عمارة جديدة بدون وجود جراج أسفل العقار بحيث يستوعب عددا كافيا من السيارات، والقرارات الجديدة هي أن كل مائة متر مربع ارتفاعًا في المبنى سيخصص لها سيارة في الجراج، وكل 150 مترًا ارتفاعًا في المبنى سيخصص لها سيارتان، وكل 200 متر ارتفاعًا في المبنى سيخصص لها ثلاث سيارات وهكذا في متوالية هندسية، ستؤدى إلى تخفيض حجم الكثافة المرورية، وتقليل الاشغالات في الشوارع.
طبعًا هذه واحدة من أهم مشكلات المحليات خلال 40 سنة كاملة، ولم يتمكن أحد قبل وصول الرئيس السيسي للسلطة في عام 2014 من مواجهتها بهذا الحسم الكبير، وما قاله المحافظ لأعضاء مجلس الشيوخ، وتأكيده على تنفيذ هذه التوجهات، يجعلنا نثق في أن مصر تتغير نحو الأفضل.
منصب المحافظ يحتاج لمن يعمل بلا توقف في سبيل ضبط أداء المحليات، وانضباط موظفي الأحياء والمراكز، وعندما تجد محافظ الجيزة يتابع، صباحًا، تخطيط موقف للمواصلات العامة في ميدان الرماية، ثم تجده يتابع، ليلًا، أعمال صيانة تجميل شارع المحطة في ميدان الجيزة، وبينهما تجده يتابع أعمال التطوير في حي الطالبية، في هذه الحالة ستقول فعلًا إن «المحافظ الشغال رزق»!
الخلاصة.. منصب المحافظ ليس رفاهية، وليس مكافأة، ولكنه موقع للعمل والتنفيذ والتجهيز والتطوير لصالح مواطن يستحق أن يحصل على حقوقه، فعمل المحافظ في موقعه (واجب) وحصول المواطن على الاستجابة لطلباته (حق) ولكن هناك من يجلس في هذا المنصب، معتقدًا أنه صاحب فضل على المواطن، وآخرون يعرفون جيدًا أنهم يعملون تحت أمر وخدمة هذا السيد الذي يسمى مواطنًا.
tarektohamy@alwafd.org
كاتب المقال عضو مجلس الشيوخ وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية