تظل الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي الحدث الأهم، الذي يشغل الرأى العام العالمي باعتبار أن الولايات المتحدة لاتزال القوة العظمى الأكبر في العالم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وبالتالي لها تأثير مباشر على السياسة الدولية والقضايا الموجودة في المسرح الدولي.
ومع أن الجدل مازال مستمرا بشأن هذه الانتخابات ونزاهتها بسبب عدم اعتراف الرئيس الأمريكي ترامب بنتائجها وفوز منافسه بايدن.
إلا أن الدستور الأمريكى يضمن انتقالا سلميا للسلطة من خلال المؤسسات التشريعية والقضائية التي تنهى مثل هذا الجدل قبل موعد تسلم الرئيس مهام عمله فى يناير القادم.
ولكن تبقى الصورة السلبية التي تركتها هذه الانتخابات سواء في الداخل الأمريكي من انقسامات حادة عنصرية وعرقية، أو خارج الولايات المتحدة وتغيير الصورة الذهنية عن الانتخابات الأمريكية التي كانت في السابق مثالاً للنزاهة والشفافية وتدعيم ركائز الديمقراطية، وباتت الآن مشكوكا في نزاهتها وهو أمر يخصم من رصيد الولايات المتحدة ويحد من تدخلها فى شئون بعض الدول بزعم نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وبغض النظر عن المعركة الرئاسية الأمريكية التي تتجدد كل أربعة أعوام، يبقى صنع القرار الأمريكي رهن محددات مفهوم – الإدارة الأمريكية – التي تتشكل من عدة عناصر وهي الرئيس الأمريكي ومجلسا الشيوخ والنواب ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع إضافة إلى جماعات الضغط ووسائل الإعلام التي تشكل الرأى العام، وتجعله عاملا مؤثراً في عملية صنع القرار السياسي.
وهى محددات راسخة في صنع القرار السياسي الخارجى أيضاً منذ أن اختارت الولايات المتحدة لنفسها القيام بدور القوة العظمى المهيمنة على النظام الدولي عقب انهيار الاتحاد السوفييتي.
ومع أن السياسة الخارجية الأمريكية سعت إلى عدم ابقاء مفهوم الهيمنة الأمريكية على العالم في الإطار الجامد الساكن، ولكن على أساس اعتبارات الأمر الواقع ومستجدات الأوضاع مما جعلها في حالة مرونة إلى حد أننا قد نجد تغيرا كبيرا في المواقف الأمريكية طبقا لعلاقاتها ومصالحها الاستراتيجية مع بعض الدول.
من هنا تبقى العلاقات الاستيراتيجية بين مصر والولايات المتحدة رهن محددات السياسة الخارجية الأمريكية القائمة على المؤسسية والمنفعة والمصالح المتبادلة.
وعلى عكس ما قد يعتقده البعض في تحديد علاقة مصر بالولايات المتحدة في شخص الرئيس الأمريكي.
أما الواهمون والمهللون من فلول الجماعة الإرهابية لفوز بايدن فيجب عليهم أن يعوا عدة حقائق وعلى رأسها أن مخطط الإدارة الأمريكية بكل مكوناتها لخلق شرق أوسط جديد، ودعم ما سمى بثورات الربيع العربي، وقيام إدارة الرئيس باراك أوباما بدعم جماعة الإخوان المسلمين على شتى المستويات بشكل واضح ومعلن.
وكما أكدتها من جديد الرسائل السرية لوزيرة الخارجية الأمريكية في هذا الوقت هيلاري كلينتون، وكذلك توجيه الإدارة الأمريكية لقطر وتركيا وغيرها من الدول بدعم جماعة الإخوان للهيمنة على السلطة في مصر وترسيخ أقدامها واستمرارها سواء في السيطرة على البرلمان أو منصب الرئاسة ـ جميعها لم تفلح وسقطت الجماعة.
كما أن التجربة في حد ذاتها كشفت عن جوانب كثيرة للجماعة كانت خافية عن الشعب المصري وعن كثير من دول العالم، وتكشفت من خلال الممارسة الفاشية ورفع شعار الديكتاتورية وحمل السلاح ونشر الإرهاب في مواجهة كل ما يعارضهم بهدف السيطرة على الحكم.
وإذا أضفنا إلى كل ذلك أن لحظة وصول الجماعة إلى الحكم كانت في ظرف استثنائي مرت به مصر بسبب فساد النخبة الحاكمة، ورفض عامة المصريين سياسة الاحتكار والجمود والتراجع الذى أصاب مصر.
ومن ثم جاءت قفزة الجماعة إلى السلطة وتجربتها الفاشلة كاشفة للعالم أجمع عن الوجه الحقيقي لهذه الجماعة الفاشية الإرهابية.
والأهم من كل هذا هو اللحظة الفارقة في تاريخ هذه الأمة وهي أن مصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو ليست مصر التي قبلها، بدليل أن أوباما وإدارته التي أوصلت هذه الجماعة للسلطة باعتبارهم عميلا استيراتيجيا هاما لم تستطع حمايتهم من السقوط أو الوقوف أمام إرادة المصريين الهادرة التي نالت احترام كل شعوب وحكومات العالم.
والآن أصبحت مصر تنعم بالاستقرار والقوة والتقدم بعد أن عادت دولة مؤسسات وتقوم بدورها الإقليمي والدولي في شتى القضايا، وهو أمر من المؤكد يجعل كل الدول تسعى لإقامة علاقات جيدة مع مصر وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لحماية مصالحها بالشرق الأوسط .
حمى الله مصر من كل سوء.
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية