تأتي أهمية الفيلم الألماني UND MORGEN DIE GANZE WELT أو «وغداً العالم بأكمله»؛ من تحذيره لخطورة صعود اليمين المتطرف في ألمانيا.
والفيلم حاول اقتناص جوائز مهرجان فينيسيا السينمائي، والمشارك في المسابقة الرسمية لـ مهرجان الجونة في دورته الرابعة؛ طارحا رؤية درامية لأحداث عنف عنصرية إرهابية تضرب ألمانيا.
وفيه المخرجة الألمانية جوليا فون هاينز تطرح رسالة سياسية كاشفة لدوافع اليمين المتطرف في إثارة الخوف والكراهية؛ من خلال الشخصية الأساسية؛ وخاصة أن المخرجة كانت ناشطة يسارية؛ وبالتالى يساهم فيلمها في أحداث نقاش وجدل عن التعايش في ظل الاختلاف.
وبفيلم «وغداً العالم بأكمله» نؤكد أن السينما المرآة المستقبلية العاكسة لما يحدث فى السياسة؛ ومن منطلق أن الألمان يتوقعون أن الحزب اليميني الشعبوي «البديل من أجل ألمانيا» سيشكل حكومة على مستوى الولايات أو حتى على المستوى الاتحادي خلال السنوات العشرة المقبلة؛ بل وسيصل للسلطة بحلول عام 2030؛ من هنا .
والمخرجة جوليا فان هاينز شاركت فى كتابة سيناريو «وغداً العالم بأكمله» مع جون كويستر، ولعب دور البطولة كل من مالا إمدي، نواه سافيدرا، تونيو شنايدر، لويزا سيلين جافرون، وأندرياس لاست.
ولعل فيلم «وغداً العالم بأكمله» يعرفنا ماهو اليمين المتطرف حيث يميل الكثير من المتعصبين البيض والمتطرفين إلى العيش في عالم ضيق، تهيمن عليه الكراهية التامة والتعصب الأعمى لآرائهم ضد وجهات النظر الأخرى؛ يعاملون الجميع كأعداء.
و للأسف متطرفوا اليمين يحاربون كل من ساعد في إحداث تغيير في المجتمع؛ ويصيح بالنسبة لهم بمثابة أعداء.
وجميعنا يتذكر المتطرف النرويجي أندرياس بريفيك هجومه القاتل في أوسلو، ولم يستهدف بأسلحته المسلمين أو المهاجرين، ولكنه قتل أعضاء من الشباب في حزب سياسي اتهمه بالتسبب في تغيير المزيج العرقي في النرويج؛ ويعادي اليمين المتطرف المجتمع متعدد الثقافات.
الفيلم الألماني UND MORGEN DIE GANZE WELT أو «وغداً العالم بأكمله» يؤكد من خلال أحدثه أن متطرفي اليمين الأوروبي يعتبرون أنفسهم صالحين.
لكنهم يريدون مجتمعات متباينة تماما؛ ودوما يتبادلون الصور ومقاطع الفيديو العنيفة والشريرة والغامضة، ويستخدمون أحيانا منتديات للألعاب والموسيقى لتجنيد أعضاء جدد.
لذلك نجد الأب فى الفيلم ( مايكل ويتنبورن ) يقول: إذا كان عمرك أقل من 30 عامًا، فلا قلب لك؛ وإذا كان عمرك أكثر من 30 عامًا فلا معنى لك.
وبالتالي فالبطلة لا تزال في أوائل العشرينات من عمرها ومع ذلك تريد إنقاذ العالم. رغم أنها فى بداية دراستها في القانون.
ولقد صنعت جوليا فون هاينز فيلمًا سياسيًا وشخصيًا؛ مقدما صورة لألمانيا في عام 2020؛ وساعدها على ذلك أنها قبل عشرين عاما عملت المخرجة في أنتيفا.
و«أنتيفا» تعنى «العداء» ضد«الفاشية»؛ ويصنفها البعض منظمة فوضوية شيوعية اشتراكية؛ وتؤمن بضرورة التعبير عن نفسها من خلال العنف الذي لا ينبغي له أن يصل للقتل أو سفك الدماء.
لذلك الفيلم لا يبدو وكأنه أطروحة تخطيطية بل تقترب المخرجة بكاميراتها المحمولة جدًا من الشخصيات حتى في حشد الاحتجاجات وهذا يعد أحد نقاط القوة بالفيلم.
ويمكننا في الفيلم الألماني UND MORGEN DIE GANZE WELT «وغداً العالم بأكمله» معرفة مستقبل أوروبا وألمانيا في ظل تنامي اليمن المتطرف من خلال لويزا ، الشابة من عائلة من الطبقة المتوسطة، والتي لم تعاني في حياتها من أي شئ؛ بل قد يكون خروجها إلى الشوارع نوعا من التمرد ضد والديها، فهى شخصية أقرب أن تكون مبتذلة تمامًا ولكنها تحمل صراعا مستمرا في شخصيتها دون الخضوع أبدًا لإغراء الحلول البسيطة في أحد الاتجاهات الممكنة.
ولكنها بأفعالها اللامبالية وسلوكياتها المتهورة لا تكتفي فقط بمحاربة اليمين المتطرف، بل تحاول أن تثير انتباه ألفا وهو ناشط في جماعتها تقع سراً في حبه.
وسرعان ما تتصاعد الأحداث وتدخل لويزا وأصدقاؤها في شجار وجدال حول العنف وجدواه، وما إذا كان يمكن أن يكون إجابة سياسية مشروعة للفاشية والكراهية.
ومن خلالها نرى صديقتها المستقلة ذاتيًا والتى تميل لليسار. أما باقى الأصدقاء فهم لا يخجلون من العنف في كفاحهم ضد القانون.
لذلك عندما تصل لويزا إلى هاتف محمول تابع للنازيين الجدد لا تمانع فى التخطيط لعمل ملئ بالمخاطر ضد المشاركين في مسيرة .
فى تلك الدراما القوية بفيلم «وغداً العالم بأكمله» ثمة استخدام لبعض الشخصيات الثانوية؛ لإضافة المزيد من العمق؛ كشخصية نوح سافيدرا الجريء (السياسي) ، الذي لا يهمه سوى إشباع عطشه المتمرد للمغامرة لفترة معينة من الزمن قبل أن يعود إلى مستقبله المفترض والذي يفرضه عليه أنه ضمن أبناء الطبقة الوسطى.
جوليا فون هاينز (44 سنة) جمعت بين الإخراج وكتابة السيناريو في أفلامها ؛ودرست التصوير في جامعة كولون.
وبدأت رحلتها مع الأفلام وهي ما زالت تدرس في الجامعة عبر مجموعة من الأفلام القصيرة التي أخرجتها مثل دوريس، أيام الثلاثاء، لوسي وفيرا.
وحازت على جوائز متعددة على كل فيلم منها، ما حدا البعض لكي يطلق عليها «الموهوبة الواعدة» في السينما الألمانية.
وبعد التخرج شاركت في عدة ورش سينمائية، وعملت مساعدة فنية للمخرجة روزا فون برونهايم.
وشاركت في أول أفلامها السينمائية في مهرجان برلين السينمائي عام 2007.
وكان يحكي قصة فتاة فقيرة في برلين تذهب إلى ليون بفرنسا للالتحاق بمدرسة للموضة، وهناك تقع في الحب.
وحصلت على دكتوراه في الفلسفة حول دور التلفزيون في السينما الألمانية في الفترة من 1950 حتى 2012.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية